الاكتئاب، هو مجموعة من المعتقدات والسلوكيات وطرق التواصل مع الأشخاص التي يمكنها أن توقع الشخص في دهاليز العزلة والوحدة والاغتراب. ولحسن الحظ، أن هنالك طرق عديدة للخروج من هذه الظلمات. والتي سوف نراها فب الأسطر الآتية من هذا المقال.
بيروت … الاخصائية النفسية والعلاج بالطاقة الدكتورة ماري أبو جودة
الاكتئاب مفهومٌ عالميٌ غامض، ولكن يجب أن نُحدد شيئًا واحدًا يولد لدينا هذا الشعور، ومن ثم نتوجه لصبّ تركيزنا على الأشياء التي تملك بعض السيطرة عليها، وهكذا في اللحظة التي نتجه فيها إلى الأهداف التي تقع تحت سيطرتنا، عندها فقط، سيبدأ يأسنا في التلاشي.
احتقار الذات وعدم إعطائها قيمتها الحقيقية يُؤديان إلى تفاقم الاكتئاب عن طريق جعل ذاتك تتجنب الناس، ويدفعك لأن تبقين سلبية، غارقة بالتفكير في مشاكلك، والتي غالبًا ما تكون سطحية ومن دون معنى، مستمرة بانتقاد نفسك لكونك غير كاملة.ففرض القواعد غير المنطقية الصارمة على نفسك يؤدي إلى تراكم المزيد من حاجتك لانتقاد ذاتك، لذا فإن استبدال هذه السلوكية بالسعي لتصحيح الذات والتعلم وتقبلك لذاتك يمكن أن يدفعك قريبًا من التغلب على الاكتئاب واليأس.
عزيزتي، إن كنت تعتقدين أن مشاكلك ميؤوسٌ منها، فمن المحتمل أنك سوف تتوقفين عن المحاولة أو السعي للخروج مما أنت فيه، وأن تميلين نحو العزلة والوحدة، وبالتالي تغرقين أكثر في الأفكار السلبية التي تولدينها.
اليأس عزيزي يعني مرض نفسي خطير ومُدمر، يجب أن يُعالَج، العلاج هنا يشجعك على تجربة تقنيات أو استراتيجيات أو أدوية جديدة. كما يمكن أن يمنحك تغيير روتينك اليومي أو تغيير بيئتك، وتغيير طريقة تفكيرك يمكنها أن تفتح أبوابًا جديدة كلها أمل وسعادة.
ـــ تجنبي الأشياء التي تشعركِ باليأس … من المفيد القيام بتقييم مشاعركِ الإيجابية والسلبية في ساعاتكِ المختلفة من الأسبوع، فتجدين أنَّ حتى أكثر لحظات يأسكِ سوف تُلاحظين أن مزاجكِ وبكل بساطة يتغير اعتمادًا على الساعة من اليوم، وما تفعلينه من أنشطة، والأشخاص الموجودين معكِ. وبما أنَّ المزاج يمكنه أن يتغير خلال ساعات اليوم فهذا دليلٍ على أن التغيير حقيقة يمكن تجسيدها وذلك بالإيمان بها.
ـــ حددي الأهداف التي لا تشعر بالقوة … بالتأكيد، أن هنالك العديد من الأهداف الأخرى في حياتك، أهداف رئيسية وثانوية، سيطري على تفكيرك السلبي ولا تشعري باليأس نحوها، وهنا يجب أن تركزي على هذه الأهداف بدلًا من تلك التي تشعرك بالفشل في تحقيقها. فغالبًا ما يشعر المرء باليأس حيال شيءٍ ما، ويصب تركيزه عليه ويغرق بشعور اليأس فيه أكثر.وذلك بالتواصل مع الأشخاص الذين تعرفينهم، والقراءة، والأعمال المنزلية والطبخ والاستماع إلى الموسيقى، والقيام بالتمارين الرياضية، وتعلم شيء جديد، والتأمل، ومساعدة شخص آخر، والتعامل بلطف وصفاء مع ذاتك.
ـــ كوني صادقة مع نفسك وصريحة مع ذاتك …
أعتقد إننا جميعُنا نتعرض للشعور باليأس في بعض الأحيان. إثر المرور بتجربة انفصال، أو فقدان وظيفة، أو بسبب خذلاننا من قبل أحد أصدقائنا أو موت شخص تحبه.
أنا شخصيًا شعرت باليأس عدة مرات في حياتي، وفي كل مرة كنت أدرك في النهاية أن تلك المشاعر ستتغير، إذ أنَّهُ في الواقع، كل شعور يتولد لدينا يُعدّ شعورًا مؤقتًا حتّى لو بدا لنا عكس ذلك.
ـــ أنظري للأمور بنظرة متفائلة … لنتصور أنك تشعرين باليأس بعد الانفصال في حياتك، تشعرين أن السعادة فارقتك وإلى الأبد. إلَّا أنَّ هذه المشاعر ليست غريبة بعد هكذا حدثٍ. شعورك السيء في هذه اللحظة تمامًا يمنعك من تخيل الشعور بالسعادة مستقبلًا، وهذا في الواقع ليس منطقي.حاول فقط تحدي توقعاتك السلبية حول شعورك في المستقبل، إذ نحن غالبًا ما نخطئ بمثل توقعات لا يعلمها إلا الله.
ـــ تمارين وحركات بدنية تقضي على الاكتئاب … أثناء الوعي التام، سوف تدركين أنك لست يائسة، كما ويمكنك التركيز في اللحظة الحالية في أي وقت، حيثُ أنَّ اليأس دائما يتعلق بالمستقبل، فاليقظة الذهنية تدور حول اللحظة الحالية وليس الآتية.
يمكنك تجربة أي نوعٍ من تمارين اليقظة، مثل الانتباه إلى أنفاسك، أو التركيز في المشاهد والأصوات من حولك، أو تقشير برتقالة أو شم رائحة عطرٍ بشكلٍ عميق، أو الإصغاء إلى موسيقى الاسترخاء أو النظر بتمعن في حركات حيوان أليف في بيتك. فكل هذه الأشياء تُحررك من سيطرة يأسك عليك.
ـــ كافحي يأسك ولا تستسلمي … غالبًا ما تتحول أفكارنا وحالاتنا المزاجية إلى نبوءات تتحقق مستقبلًا. إذا شعرنا باليأس، فسأنزل أنفسنا، وستسيطر حالة من السلبية على مزاجنا لدرجة الضياع فيها، لكن التصرف بعكس ما نشعر به غالبًا طريقة جيدة لكسر قيود اليأس والتحرر من وهنه.
الخروج من ظلمات اليأس ووطأته يتم بفضل ممارس الرياضة، والتواصل مع الأصدقاء الذين يمنحةننا الطاقات الإيجابية، وتنفيذ مهمة جديدة، والتخطيط للقيام بنشاط مع شخصٍ ما، والذهاب في عطلة أو نزهة.
ـــ كوني مستقلة … سعادتنا ليست مُرتبطة بوجود شخص معين أو بتجربة محددة. عندما نمرُّ بتجربة انفصال على سبيل المثال، يبقى باعتقادنا أن هذا الشخص كان ضروريًا في وجود سعادتنا، على الرغم من أننا مررنا بتجارب عديدة من السعادة قبل أن نقابله. وأحيانًا أخرى نكتئب بسبب رؤيتنا الضيقة للأشياء، إذ أننا نركز تفكيرنا على شخصٍ واحد، أو تجربة واحدة، أو هدفٍ واحد نعتقد أنه ضروري لنعيش بكرامة في هذه الحياة الصعبة.
نصيحة
ــ التركيز المُفرط على أشياءٍ محددة والجمود يؤدي إلى زيادة الاكتئاب وتفاقمه.
ــ يجب أن وضع قائمة بجميع الأسباب التي تجعل هذا الهدف الوحيد ليس ضروريًا ثم الانتقال إلى الأهداف الأخرى التي في متناول اليد.
ــ يجب وضع في الاعتبار أن التغلب على الاكتئاب واليأس يستغرق وقتًا، فالأمر أشبه بتطوير أو اكتساب مهارة جديدة، واتخاذ طريقة جديدة في التفكير والتصرف.