بني سويف … مينا ميخائيل جرجس
في أحد الأيام، خرج أحد الولاة ومعه حارسه لتفقد رعيته. وانتهى به المطاف في بيت أحد المواطنين. أين أكرم وفادتهم وضيافتهم بدون أن يعرفهم أو يسألهم من هم.
عندما خرج الوالي من عنده رأى كلب مشنوقًا بجانب البيت. فسأل الوالي صاحب البيت مباشرة عن سبب شنق الكلب. حينها امتنع الرجل وقال بأن لهذا الكلب قصة طويلة لا أحب أن أقصها على أحد.
وفي اليوم التالي قام الوالي بإرسال حاجبه إلى ذات الرجل، ليسأله عن الكلب المشنوق، لكنه تمسك بعدم الإفصاح عن القصة.
في اليوم الثالث، أرسل الوالي جنوده وأحضروا الرجل إلى قصره.
وسأله الوالي عن الكلب المشنوق. وكذلك رفض الرجل إخبار الوالي بقصة الكلب المشنوق حتى يجعل منه واليُا مكانه لفترة وجيزة من الزمن.
استغرب الوالي من هذا الطلب ورفضه بشده، وأمره بالانصراف عن وجهه بدون معرفة القصة. ولكن الوالي ولطيبة شخصه، ظل طول الليل يفكر بالموضوع حتى أصبح الكلب المشنوق شغله الشاغل، وحرمه من النوم.
بعد أسبوعين أمر الوالي جنوده بجلب الرجل، وأخبره بأنه وافق على طلبه بأن يكون واليًا مكانه لفترة قصيرة. بشرط أن يخبره بقصة الكلب المشنوق. واستلم الرجل أمر الولاية مكان الوالي، ومن أول يوم قام بعزل كل المسؤولين من الصف الأول من وزراء ونواب وأعيان وقادة جيش ومخابرات. خاصةً ممن معهم جنسيات أجنبية ويديرون مفاصل الدولة ووضعهم في السجن.
وسلم الصف الثاني من المسئولين مكانهم. وأرسل رسائل لكل الدول المجاورة التي كانت تأخذ منها ضريبة لأنها كانت ضعيفة، أن لا أموال لكم عندنا بعد اليوم، ولا سلطة لكم علينا، ولن ندفع لكم قرشًا واحدًا بعد الآن.
فقام المسؤولين من تلك الدول بمحاولة التواصل مع أقرانهم العملاء في هذه الدولة لتسوية الأمور. وللأسف ليس هناك من مجيب، كلهم في السجن ولم يجدوا من يتعاون معهم. فردوا جميع الأموال لهذه الدولة حتى فاضت خزينتها بالأموال وعادت قوية غنية كما كانت.
ولما عاد الوالي الأصلي ورأى الأموال تملأ خزينة الدولة سرّ بذلك كثيرًا.
حينها طلب من الرجل أن يخبره فورًا بقصة الكلب المشنوق. فقال له الرجل بأن كان لديه قطيع غنم، وكل يوم كان يفقد شاة ولا يدري السبب.
إلى أن جاء اليوم الذي رأى فيه هذا الكلب يعدو كل يوم على شاة ويقتلها ويعطيها لصديقه الضبع كي يبقيه في منصبه كمسؤول عن هذه الأغنام ولا يؤذيه. فكان جزاؤه الشنق، ومنذ ذلك اليوم لم يفقد شاةً واحدة.