برلين … فيوليت كرم
أجواء الصمت الرهيبة بين أفراد العائلة في البيت أو الأصدقاء في المقهى أو في مختلف المناسبات، سببها انشغال كل شخص منهم بهاتفه الذكي، ولهذا بدأت أجراس الإنذار تُقرع لتنذر من إدمان الهاتف الذكي الذي بات مثل كابوس مخيف ينهش زنابق أوقات حياتنا في كل لحظاتها. فصار الهاتف الذكي من عناصر الحياة اليومية التي لا نستطيع التخلي عنها، فهو وسيلة التواصل مع الأهل والأصدقاء والبحث عن معلومات على الإنترنت والتسوق وربما أيضا البحث عن وظيفة أو عن شريك الحياة. ورغم مزاياه العديدة والمتنوعة التي تسهل لنا الكثير من أمور الحياة، إلا أنه تحول إلى حالة إدمان لا تقل خطورة عن إدمان الألعاب الالكترونية والقمار.
ومن هذا المنطلق، حاول باحثون ألمان من جامعة بون، رصد التغيرات التي تحدث في الجسم نتيجة حالة الترقب المتواصلة التي نعيشها بسبب الهاتف الذكي وأشكال التواصل الحديثة، إذ يوضح الباحث ألكساندر ماركوفيتس من جامعة بون الألمانية لصحيفة راين نيكر تسايتونغ، بأن حالة الترقب تلك تحفز الجسم على إفراز هورمون الدوبامين المعروف بهورمون السعادة والذي يجعلنا في حالة رغبة مستمرة في الإمساك بهاتفنا ومتابعة كل ما يحدث.
ومنه تكمن خطورة إدمان الهاتف الذكي في سهولة التنقل به في كل مكان على العكس من بعض ألعاب المقامرة التي تحتاج للتواجد في أماكن معينة على سبيل المثال. وهنا يشدد الخبراء على أهمية الحفاظ على حدود ثابتة في استخدام الهاتف الذكي، فالنظر لشاشة الهاتف كل 20 دقيقة يقلل من القدرة على الإبداع والشعور بالسعادة، كما يقول الباحث ماركوفيتس الذي طور تطبيقا لقياس العادات المختلفة في التعامل مع الهاتف الذكي، في تصريحات نقلتها صحيفة أوغسبورغر الألمانية حيث أظهر الرصد الذي قام به ماركوفيتس من خلال هذا التطبيق أن المستخدم ينظر يوميا نحو 90 مرة في المتوسط لهاتفه الذكي للتأكد من عدم وجود مستجدات، ويقوم بإرسال أو الرد على رسائل نحو 55 مرة في اليوم الواحد، وهي أمور تؤدي لتشتيت الذهن وإضعاف القدرة على التركيز والحد من الإبداع.
في حين توصل خبراء آخرون إلى أن إدمان الهاتف الذكي يحدث عندما يبدأ في التأثير على العلاقات الاجتماعية للشخص ويحرمه من ممارسة أبسط هواياته. ولا يجب إغفال أن البعض يلجأ للهاتف الذكي لمحاولة تجاوز بعض المواقف الصعبة أو قتل الملل أثناء رحلة طويلة بالحافلة مثلا.
الالتزام وضبط النفس هما أهم وسائل الحماية والحلول من الوقوع في فخ إدمان الهاتف الذكي، وهنا ينصح الخبراء بتجنب استخدام الهاتف الذكي تماما أثناء الطعام أو النوم، إضافة إلى إغلاق خاصية الاتصال بالإنترنت إلا في حالات الضرورة فقط. ولتجنب وجود الهاتف الذكي في غرفة النوم، ينصح باستعمال المنبه التقليدي وبالتالي الاحتفاظ بهاتف الذكي بعيدا عن مكان النوم.
أما بالنسبة للأطفال، فينصح الخبراء بشغل أوقاتهم في بدائل أخرى كالرحلات أو الجلسات العائلية أو الأنشطة اليدوية والبدنية، دون منعهم بشكل مباشر من استخدام الهاتف الذكي.