برلين … فيوليت كرم
انتشار استخدام الهواتف الذكية بين صغار السن والمراهقين وكثرة استعمالها، زاد مؤخرا، خصوصا بعد جائحة كورونا والتزامنا بالحجر المنزلي وإغلاق العديد من الأندية الرياضية وأماكن التسلية. ما أدى إلى أخطار جسيمة على صحتنا وصحة أبناءنا. فخلال فترة انتشار جائحة كورونا وتزايد العدوى، زاد استخدام الوسائط الرقمية لدى الشباب وصغار السن لتمضية الوقت والتواصل فيما بينهم. كما وفرت لهم تلك الوسائط فرصا من أجل التعلم المنزلي عبر الإنترنت ومشاركة خبراتهم مع الأصدقاء.

ساهم كل هذا في تعلق الأبناء بالهاتف النقال بشكل رهيب، لا سيما وأن القيود على استخدامه لم تكن صارمة لكثير العائلات خلال فترة الحجر المنزلي، ما أدى إلى تعلق الأبناء الشديد بمحتوى التطبيقات الموجودة بالهواتف الذكية، ومحاولة بعضهم مواصلة استخدامه لأوقات طويلة، وحتى في أوقات النوم. حينها حذر الخبراء من أن الهواتف الذكية لا تحتوي مزايا فقط، بل إنها تحمل لأبنائنا سلبيات ومخاطر كثيرة، ما جعلهم يدقون ناقوس الخطر.
ووفق استطلاع أجرته إحدى شركات التأمين الصحي الألمانية، فإن نصف ما يقرب من 1000 من الآباء والأمهات الذين شملهم الاستطلاع يخشون من إدمان أبنائهم على الهاتف الذكي، كما أن مشاكل قلة التركيز التي تعدت 45 % وقلة التمارين الرياضية التي تجاوزت 40 % يُنظر إليها على أنها عواقب سلبية محتملة على البنات والأبناء الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاما، بحسب مجلة فوكوس الألمانية.
وهذا ما أكدته عالمة النفس الألمانية فرانسيسكا كليم، أن مخاوف الآباء مبررة، إذ أن هناك مؤشرات على أن المزيد والمزيد من الأطفال والمراهقين يعانون من أمراض كانت غير معتادة في السابق لفئتهم العمرية. ووفقا لمجلة فوكوس فإن أمراضًا مثل اضطرابات الحركة أو السمنة وكذلك اضطرابات النوم ازدادت لدى الفئات العمرية من 6 إلى 18 عاما مقارنة بالسابق.

كما يرى عالِم الأعصاب مارتن كورتي من جامعة براونشفايغ التقنية الألمانية، أن تطور اللغة لدى الفئات الشابة بات مقلقا وهناك صعوبات من كيفية تواصل الآباء مع أطفالهم. ويؤكد العالم أنه من المهم أن يرى الأطفال وجه وفم الوالدين عندما يتحدثون إليهم. وهذا بات غير ممكن الآن، إذا كان الآباء يجلسون باستمرار خلف أجهزتهم أو يصورون باستمرار ما يفعل الأبناء. مضيفا لقوله أن استخدام الآباء المفرط للهاتف الذكي بات يشكل قدوة سيئة للأبناء.
يذكر أنه من ضمن توصيات نقابة أطباء الألمان الأطفال للآباء، محاولة إبعاد وسائط الشاشة بعيدة عن أبنائهم قدر المستطاع ولغاية بلوغهم سن الثالثة، لأن هذا قد يعرضهم لعديد المخاطر. حيث يضع 80 % من الآباء قواعد لاستخدام أطفالهم للهواتف الذكية، في حين أن 65 % منهم يمنعونهم من الإمساك بالهاتف في أوقات معينة مثل وقت تناول الطعام أو قبل الخلود للنوم.