تُوِج عاشق الفنانات العربيات الملاك الفرنسي موريس تيليت، مرتين بطل العالم للوزن الثقيل من قبل رابطة المصارعة الأمريكية في بوسطن بمساندة وتشجيع المروج بول بوزر. الذي أدرك الإمكانات الفائقة في الشاب الفرنسي تيلت، وشكله الفريد المميز وموهبته في المصارعة، وبدأ في حجزه في سلسلة من المباريات التي كللت بالنجاحات الساحقة. فمن هو الملاك الفرنسي الروسي موريس تيليت ولماذا نذكره اليوم ونخصص له هذه المورقة؟
باريس … راندا سالم
موريس تيليت مصارع فرنسي من أصل روسي حظي بشهرة واسعة في الأربعينات الميلادية من القرن العشرين. وُلد موريس تيليت في عام 1903م في جبال الأورال في روسيا، من أبوين فرنسيين. والدته كانت معلمة ووالده كان مهندسًا في السكك الحديدية. فقد موريس تيلت والده وهو طفلًا، حينها تفرغت والدته لتربيته بمفردها، فواجهت صعوبة كبيرة في استمرار العيش في روسيا وفي تحقيق طلبات ابنها الوحيد، بسبب اندلاع الثورة البلشفية والظروف الحياتية المزرية التي كانت عائلته تعيشها في روسيا. انتقلا هو وأمه في عام 1917م إلى فرنسا، واستقرا في مدينة ريمس.

حياة موريس تيلت كانت عادية وطبيعية، كان طفلا طبيعيًا وجميلًا للغاية، في السابعة عشر من عمره، لاحظ تيليت تورما في قدميه ويديه ورأسه، وبعد زيارة الطبيب شُخص موريس بضخامة الأطراف وهي حالة تسبب عادة عن طريق ورم حميد على الغدة النخامية، مما أدى إلى فرط نمو العظام وسماكتها.
رغم المرض وبداية ظهور أعراضه على جسد موريس تيلت، والخوف المتزايد من أنه لن ينجح أبدا بسبب مظهره الوحشي وغير الطبيعي، حقق موريس تيلت حلمه، وتحصل على شهادة في القانون من جامعة تولوز الفرنسية. لطالما كان تيليت يرغب في أن يكون محاميًا يدافع عن حقوق المضطهدين والمظلومين، لكن المرض الذي أصيب به منعه من استمراره في تحقيق حلمه، فاكتفى بشهادته الجامعية والتحق بالبحرية الفرنسية التي عمل فيها مدة خمس سنوات.
مع تطوّر مرض ضخامة الأطراف تغيَّر وجه موريس تيلت بشكل كبير جدًا، أخذ فكه شكلاً مربعاً أثناء نموه، وبارزاً قليلاً، واتسع وجهه بالكامل، واستطالت جمجمته حتى ظهرت أذناه في غير مكانهما، وأصبحت يداه وقدماه ضخمة بشكل ملفت!
سافر موريس تيلت إلى سنغافورة في عام 1937م، أين التقى بالمصارع المحترف كارل بوجيلو، الذي أعجب مظهر وبُنية موريس تيلت غير العادية، وأقنعه بأن يصبح مصارعًا. اقتنع موريس بفكرة واقتراح كارل بوجيلو، حينها عرض عليه العودة إلى فرنسا وتحديدًا إلى باريس للبدء في تدريبه. وبعج شهورٍ معدودة وجد نجح موريس تيلت نجاحاً ساحقًا كمصارع محترف في فرنسا وإنجلترا. ليُهاجر بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدًا في بدايات اهوال الحرب العالمية الثانية، يستقر بها ويحترف المصارعة الحرة، ويبدأ نجمه يعانق المجد والشهرة في كل انحاء العالم.
اشتهر موريس تيليت في الولايات المتحدة بلقب الغول، لأنه لم يخسر مصارعة واحدة في حياته. وبفضله، نشطت عمليات بيع تذاكر المصارعة الحرة. كما كان يُنسب له الفضل أيضًا في إنعاش رياضة المصارعة الحرة وقت ذاك. نال شهرة عالمية واسعة، وأخذت الصحافة في العالم كله من قصته قصة صالحة للرواية، فأصبح من أشهر الرجال في العالم.

موريس تيليت كان من عشاق ومتابعي الفنانات العربيات الجميلات، وخاصة ليلى مُراد. عشق صوتها وفنها وحضورها وتمثيلها، فزار القاهرة خصيصًا لملاقاتها، وتحققت رغبته حين أصر على مقابلتها، وتقبيلها. وتم اللقاء، وحين رغب المصارع الفرنسي في تقبيل ليلى مراد، منعه زوجها أنور وجدي، فطبع تيليت قبلته على خد فتى الشاشة الأول، والتقطت كاميرات الصحافة المصرية والعالمية حينها تلك الصورة التاريخية.
موريس لتيليت أصرَّ على أخذ صورة أخرى وهو يقبل ليلى مراد قبلة بريئة ملائكية على خدها، وهي الصورة الشهيرة التي نشرتها الصحافة. موريس عرض الزواج على ليلى مراد وأهداها قصر بمقر إقامته بأمريكا، إلا أنها رفضت عرض الزواج بشياكة وأناقة الاميرات الراقيات.
ومع كل تلك الانتصارات المتوالية، ومثل جميع مرضى ضخامة الأطراف، بدأ موريس تيلت يعاني من تدهور صحته. لم يعد قادراً على مواكبة متطلبات جسده الضخم، بسبب مرض القلب والأوعية، فترك المصارعة ولزم البيت إلى أن وافته المنية في 4 سبتمبر 1954م، في فرنسا. فنقل فورًا إلى الولايات المتحدة، ودُفن بقرية جاستيك إلينوي في مقاطعة كوك إلينوي بشيكاغو.