الجزائر … عبد العزيز قسامة
بعد تخرجك من الجامعة، لابد وان تلتقي في مكان عملك بشخص على الأقل كثير الشكوى عن الظلم الذي لحق به، حتى صارت الصفة المذمومة التي تتصف بها هذه الشخصية التي يتحاشى الجميع التقرب منها او التعامل معها، فالموظف الذي يعاني من هذه المتلازمة، أصبح من دون شك نموذجا للكثير من العاملين في المؤسسات خاصة الحكومية منها.
تجد بعض الموظفين كثير الكلام حول الظلم واللامساواة، وفي الحقيقة يعتبر وجوده في المؤسسة او الدائرة بحد ذاته ظلما لها، فهو لا يقدم شيء من الناحية الفنية والابتكارية، إلا التذمر الذي بات هو الطابع اليومي خلال تواجده، الحث على التشاؤم لا ينقطع، ومع هذا سوف ترى من يقتنع بكلامه ويحاول مساندته من الناحية المعنوية وكأنه شخص وقع عليه الظلم دون غيره.
الانسان بطبيعته يميل الى التغيير بصورة مستمرة، وربما أكثر المخلوقات لا يحب الوقوف عند نقطة معينة ويسعى الى كسر الحواجز الروتينية، لكن هذه الخاصية أو الصفة قد تكون معدومة او ضئيلة عند الأشخاص المتذمرين والذين يشعرون بأنهم مظلومين ومقهورين في أماكن عملهم، لذا سوف تجدهم غير قابلين للتطور ولا يرغبون بالتغيير مهما كانت صفاته.
عدم الايمان بالتغيير الإيجابي او العمل عليه، يعني بصورة غير مباشرة تراكم الكسل والملل والفشل الذي صنع حاجز منع هؤلاء الافراد من الحصول على نصيبهم من التمييز والتفرد والابتكار، ويزداد بعد ذلك الشعور بالضجر والملل التلقائي، الى جانب مشاعر سلبية كثيرة أهمها او اكثرها بروزا هو محاولة ترك العمل او الانتقال الى مكان آخر.
الانتقال الى مكان لا يمكن ان يكون حلا لمشكلة من المشكلات الفردية التي التصقت ضمن صفات الفرد الذاتية، وصارت جزءا أساسيا من كيانه، وقد يغلب عليه الطابع الانهزامي امام الحقيقة، وهي أنه لا يمتلك القدرات والمهارات التي تجعله يعتلي منصبًا معينًا او مهمة إضافية غير التي يؤديها، وهنا يكون عدم الاعتراف بما يمتلكه من مؤهلات ضعيفة السبب الرئيسي وراء هذا التباكي المتواصل.
ومثل هؤلاء الافراد يقضون مسيرتهم الوظيفية يشعرون الآخرين بأنهم ضحية للتقلبات المزاجية للمسؤولين وأصحاب القرار أو المدراء، ويحاولون بطريقة او بأخرى جمع أكبر قدر من المتعاطفين معهم لتكوين رأي عام داخل المؤسسة، وبطبيعة الحال سيخلق ذلك التكتل أجواء غير ملائمة للعمل ولا تصلح لقضاء ساعات طويلة في مثل هكذا ظروف مشحونة بالأفكار السلبية الملوثة.
هؤلاء الموظفون لديهم شعور وهمي يدفعهم إلى التصور بأنهم يمتلكون قدرات ومهارات لا يملكها غيرهم، قادرين على قلب الموازين في الجوانب الإدارية واتمام القضايا الوظيفية وابتكار الحلول اللازمة، وفي الحقيقة لا وجود لكل ما ذُكرَ آنفًا.
ومما لا شك فيه أن البيئة الوظيفية هي بيئة صالحة للعمل بكل المعايير او المقاييس، فهي لا تخلو من المنغصات والمعرقلات التي تجعل الموظف الشاطر والمقتدر يفكر في التفكير السلبي ذاته الذي يحمله الشخص المتشائم، لكن الصنف الأول، ترك الكلام المعرقل والموانع المتكررة وراءه وفضل الانخراط بالعمل بعيدا عن أحاديث الممرات الجانبية ساحبة منه طاقته الإيجابية والإنتاجية أيضًا.
وفي حال أنك ترى نفسك موظفًا متشائمًا، ابتعد تماما عن العمل المؤسساتي بشقيه الحكومي والخاص واختزل الضغط النفسي، وما عليك فعله هو فقط الظفر بفرصة الالتحاق بعالم الاعمال الحرة واشباع رغباتك الداخلية في التخلص من هذه القيود التي قد حولتك الى انسان آلي يتحرك ويتصرف ويقضي مهامه بموجب توجيهات مباشرة من مسؤوليه.
أغلبية الطلاب لا يؤمنون بحياة المستويات، وطبقات المجتمع، يريدون فقط أن يستحوذون على كل شيء، ويتمتعون بجميع الامتيازات. وعليه لكل طالب يطمح إلى الاستقلالية وبلوغ عالم الثراء والعيش في البيوت الفارهة، لا يجد ضالته في الوظائف الحكومية، فمهما بلغ مقدار الدخل يبقى عاجزا عن تحقيق الأحلام، ويبقى الشعور بالمظلومية من الناحية المادية ملازم لك يا صاحب السقف العالي من الطموحات والوعود والامنيات.