الجزائر … عبد العزيز قسامة

بعد احتلال الجزائر العاصمة وضواحيها سنة 1830م، بدأ الفرنسيون في توسعهم الاستيطاني للبلاد متوجهين نحو البليدة، أين هُزموا فيها في 24 جويلية من السنة نفسها، فقرروا بعدها التوجه إلى عاصمة بايلك تيطري واحتلالها، لكنهم فوجئوا بمقاومة سكانها الشرسة بقيادة الباي بومزراق، الذي انهزم في النهاية أثناء كفاحه في معركة ثنية موزاية الأولى، حينها قامت فرنسا بتعيين ممثلها في المنطقة، رغم عدم استقرار الأوضاع فيها، لتبقى فرنسا تعيش اللاأمن واللااستقرار إلي يوم الاستقلال.
عاصمة البايلك تيطري لم تسقط بسهولة، بل كان كفاحها ونضالها أكثر عنادا وبسالة، فكثف الجيش الفرنسي جهوده واستدعى جنوده لهزيه واسقاط عاصمة البايلك تيطري، حيث تم احتلاها مرتين متتاليتن، في سنة 1935م. في ربيع السنة نفسها، قدم الى المدية موسى الدرقاوي المدعو بوحمّار من جنوب الصحراء وتحديدا من الأغواط، وهو مصري الأصل، تحديدا من دمياط، الذي جاء إلى الجزائر واتخذ الأغواط مقرا له، ثم إلى مسعد ثم استقر في منطقة زبوج عزارة أو تمزقيدة، وكون جيشا باسلا لمواجهة الأعداء.

في هذه الفترة بالذات، وقّع الأمير عبد القادر معاهدة ديميشال سنة 1834م، فاعتبر موسى الدرقاوي محاربة الامير مشروعة وقتله حلال، لأنه باع ضميره ووطنه للمستعمرين الكفار، فنظم جيشه وهيأه محاربة الأمير عبد القادر وهدر دمه، للأمير، وتمت المعركة في منطقة ما بين وامري و حربيل، وهُزم موسى الدرقاوي فارا الى الصحراء، لينضم بعدها الى الزعاطشة، إلى أن استشهد مع قائدها الشيخ بوزيان يوم 26 نوفمبر 1849م، حيث قُطع رأسيهما من طرف الجنرال السفاح الفرنسي هربيون.
عاصمة البايلك تيطري تستقبل الأمير عبد القادر في 24 أفريل 1835م، بعد كل تلك المعارك الدامية التي مرت بها، حيث عين اخاه خليفة له عليها لعهدة قصيرة، ثم عين البطل المناضل محمد بن عيسى البركاني بدلا عن. المدية في تلك الحقبة، كانت مركزا هامة في تاريخ نضال الأمير عبد القادر، إذ اتخذها عاصمة ومركزا لاتخاذ القرارات المصيرية الكبرى، وأهمها كانت إعلان الحرب محددا على فرنسا في نوفمبر سنة 1839م، لينعم المستعمر باللاأمن واللااسقرار.