في يوم 31 يناير من كل عام، وكعادتها تُحيي إسرائيل ذكرى إعدام جاسوسيها في القاهرة بفضيحة “لافون” عام 1955م. موشيه ليتو مرزوق وصموئيل عازار كونا خليتين سريتين لاستهداف المصالح الغربية في القاهرة والإسكندرية. والمخابرات المصرية احبطت المخطط وانتصرت كعادتها على الموساد.
القاهرة … برلنتي عبد العزيز
بعد مرور 70 عام، تُحيي إسرائيل في 31 يناير من كل عام، ذكرى إعدام جاسوسيها موشيه ليتو مرزوق، وصمويل عازار، اللذان تم إعدامها في مثل هذا اليوم عام 1955م في القاهرة إثر تنفيذهما عمليات سوزان بمعية يهود آخرين والتي اشتهرت فيما بعد بقضية “فضيحة لافون”. والتي نفذت عمليات تخريبية ضد المصالح الأجنبية في مصر لتدمير علاقات المصرية بالدول الكبرى.
مرزوق وعازار، كانا من بين 13 متهما اعتقلوا من السلطات المصرية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وذلك عقب عملية “سوزانا” أو “لافون” والتي شنت سلسلة من التفجيرات لعقارات أجنبية في القاهرة والإسكندرية في يوليو عام 1954م. هذه العملية التي تم التكتم عليها إعلاميا في إسرائيل عقب فضحها في مصر، والتي تسببت في فضيحة سياسية كبرى لإسرائيل وأصبحت مشهورة باسم “فضيحة لافون” وصمة عار على جبين أجهزة الأمن الإسرائيلية حتى يومنا هذا.
وقد كان من المقرر أن تصل العميلة “سوزانا” من الوحدة 131 التابعة للموساد، في وقت مبكر من عام 1950م إلى القاهرة لتجنيد وتدريب اليهود المصريين من طرف اليهود القادمين من إسرائيل والعالم الغربي على القدرات الدفاعية، كون الأنشطة المعادية للسامية على حدِّ قولهم كانت أكثر شيوعا في ذلك الوقت، وبالتالي كانت مهمة “سوزانا” أيضا تشجيع يهود مصر على الهجرة إلى أرضِ الميعاد.
الوحدة التي أنشأها الموساد في مصر زاد نشاطها في صيف عام 1954م، عندما بدأت الحكومتان المصرية والبريطانية التفاوض لانسحاب الشركة البريطانية من منطقة قناة السويس، فكانت التعليمات شن هجمات لخلق حالة من التوتر بين مصر والحلفاء الذين اعتبرتهم إسرائيل أصدقاء إلى الأبد.
في صيف 1954م، وصل الإسرائيلي من أصل نمساوي افرى إلعاد، إلى مصر لتنشيط وتفعيل نشاطات الخليتين في القاهرة والإسكندرية، من خلال اثنين من العملاء اليهود اللذان كانا قد تم تجنيدهما منذ سنوات، وهما موشيه مرزوق، وصموئيل عازار اللذان كان يرأسا الخليتين في مصر، وكانت مهمتها تنفيذ هجمات ضد المؤسسات البريطانية والأمريكية في القاهرة والإسكندرية.
من هو موشي مرزوق وصموئيل عازار؟

موشيه مرزوق، الذي ترأس خلية القاهرة، هو موشي ليتو مرزوق، ولد في 20 ديسمبر 1926م. والدته راحيل ني ميناشي ووالده ليتو إيلي أبراهام مرزوق، وكلاهما كانا أعضاءً في الطائفة اليهودية القرائية في مصر. علمًا، أن الطائفة اليهودية القرائية هو فرع من قبل الحاخامية اليهودية التي لا تعترف بأي كتاب ديني يهودي مقدس سوى التوراة ولا تعترف حتى بالتلمود. انتقلت عائلة ليتو مرزوق من تونس إلى مصر في أوائل القرن العشرين، رغم احتفاظ أفراد العائلة جميعًا بالجنسية الفرنسية.
موشي مرزوق كان من مؤسسي شبكة مجموعة شباب اليهود المتعصبين والتي تأسست بالقاهرة، وكان قد درس الطب في جامعة الملك فؤاد الأول أي جامعة القاهرة حاليا، وعمل كجراح وطبيب تخدير في المستشفى الإسرائيلي المصري في القاهرة.

أما زعيم الخلية في الإسكندرية، فهو صموئيل أو شموئيل عازار بن داود عازار وعديلة كادران، حيث ولد في مدينة الإسكندرية في 22 نوفمبر عام 1929م. شموئيل كان موهوبا بشكل غير عادى، سواء في المواد الأكاديمية أو كفنان، وخضع للتدريب الزراعي في “كيوبتس” في إسرائيل قبل أن يدرس الهندسة الكهربائية في جامعة الإسكندرية.
وقد تم تفجير القنبلة الأولى في مكتب بالإسكندرية في يوم 2 يوليو 1954م، وبعد أسبوعين، وتحديدا في 14 يوليو، وضعت قنابل أخرى أكثر قوة في مكاتب وكالة المعلومات الأمريكية في الإسكندرية والقاهرة. أما القنبلة الثالثة فكانت من نصيب دار السينما والمسرح “ريو”، المملوكة لبريطانيا في الإسكندرية. وهنا، وأثناء التفجير أصيب أحد عملاء الشبكة الإسرائيلية يدعى “فيليب ناثانسون”، والذي كان السبب الأول والأخير في كشف عملية “سوزانا” حيث انفجرت قنبلة الفسفور الابيض في جيبه قبل أن يتمكن من زرعها في دار المسرح والسينما ريو. إذ كانت كل القنابل المزروعة بدائية وتقليدية وموقوتة التفجير.
وفي يوم 23 يوليو من ذات السنة، أشعلوا الحرائق في عدد كبير من المباني العامة في القاهرة والإسكندرية وعلى وجه الخصوص مبنى البريد المركزي للمدينة. حينها ألقى الأمن المصري القبض على 11 متهما مات اثنين منهم في الحبس وذهب الباقي حكم عليهم في ديسمبر من عام 1954م. ستة منهم بالسجن لمدات مختلفة، واثنين تمت تبرئتهم والحكم على مرزوق وعازار بالإعدام، وفيما بعد تم نقل رفاتهم إلى إسرائيل عام 1977م وفق الاتفاقيات المبرمة بين مصر وإسرائيل. وأدفن مجددًا في القدس بجبل هرتزل.