توجو مزراحي أو أحمد المشرقي كما أطلق على نفسه، الإيطالي اليهودي صانع نجوم مصر. المخرج الذي يعد من رواد العمل السينمائي في مصر، وأحد مؤسسي نقابة السينمائيين المصريين. وهو بذلك الشخصية اليهودية الأكثر تأثيرًا على السينما المصرية، أسس أول استديو وشركة للإنتاج السينمائي في مدينة الاسكندرية وعمل في القاهرة مع كبار الفنانين.
القاهرة … كريستينا صدقي
ولد توجو مزراحى فى 2 يونيو 1901م بمحافظة الإسكندرية لأسرة مصرية من أصول ايطالية يهودية. وكانت أسرته من أغنى أسر الإسكندرية آنذاك إذ عملوا بتجارة القطن والنسيج. حصل توجو على دبلوم التجارة من مدرسة الليسيه أو الثانوية الفرنسية بالإسكندرية، وعمل مع والده محاسبا وهو في سن السابعة عشرة، ثم عُين موظفا بالشركة الكبرى للقطن بالإسكندرية.
دفعه القدر ليكون تاجرا ويتولى إدارة أعمال أسرته، فسافر إلى إيطاليا في عام 1921م، لإتمام دراسته بناءً على رغبة والده في توسيع تجارة العائلة. انتقل إلى فرنسا لاحقا ليقوم بدراسة الاقتصاد، وهناك زار استديو جومون، أشهر استديوهات السينما هناك، والذى تابع فيه عملية تصوير عدد من الأفلام، فسحرته التفاصيل واستحوذت عليه. فقرر التفرغ لدراسة السينما، والإلمام بكافة تفاصيل صناعتها وفنونها من إخراج وسيناريو ومونتاج وديكور ومكياج وموسيقى تصويرية وغيرها.
في عام 1928م، قرر العودة إلى مصر، وعرض على أسرته مشروعه السينمائي، فتم استقباله بالرفض أول الأمر قبل التراجع أمام إصرار الشاب المغرم بالسينما. فقدمت له يد العون بالاتفاق مع صديق الأسرة الثرى الخواجة إدوارد بهنا على منحه قرضا لمشروعه فكانت البداية كبيرة وقوية بقدر شغف توجو وأحلامه.
أسس الشاب توجو في 1929م استوديو سينمائيا باسم توجو بحي باكوس السكندري، وجهزه بالمعدات اللازمة، لتكون أول إنتاجاته في السينما فيلم الهاوية، وهو فيلم روائي صامت طويل، ليعرض بدور العرض السينمائية بالإسكندرية في يوم 25 نوفمبر 1930م، ثم عرض بالقاهرة ولكن تحت عنوان الكوكايين. حقق الفيلم نجاحاً كبيراً، ولاقى استحساناً من الحكومة التي رأت فيه دعما لجهودها في مكافحة المخدرات الوافدة على الأراضي المصرية.
حتى أن توماس راسل، حكمدار شرطة القاهرة أنذاك والذي خصص سنوات طويلة من فترة عمله بمصر بين 1902م و1946م، في مكافحة عمليات تهريب وتجارة المخدرات، ارسل خطاب شكر عن فيلم الكوكايين. ولأن توجو من المثابرين، فهو لم ينس فيلمه الأول، وعاد إليه عام 1934م، ليضيف إليه صوت الممثلين والموسيقى التصويرية بهيئة مبهرة وفي منتهى الدقة والجمال.
اعتمد توجو في البداية اسما مستعارا هو أحمد المشرقي ليكون أكثر سهولة فى التداول بين المصريين، ولكنه سرعان ما عاد إلى استخدام اسمه الأصلي
أنتج فيلمه الثاني بعنوان 5001 عام 1932م، وكان من نوعية أفلام الكوميديا الصامتة. وشارك في بطولته مع الممثل شالوم أو ليون أنجيل. وكانت هذه بداية تقديمه سلسلة من الأفلام التي تعتمد على شخصية شالوم، والتي أرادها معادلا لشخصية شارلي شابلن، فقدم شالوم الترجمان.
اكتشف توجو أوائل الثنائيات الكوميدية في السينما المصرية، وهما فوزى الجزايرلي، المشهور بالمعلم بحبح والفنانة إحسان الجزايرلي، وهى نجلته في الواقع، ولكنها لعبت على الشاشة دور قرينته أم أحمد. كانت بدايتهما فى فيلم المندوبان الذي عرض عام 1934م. وتكرر حضورهما الناجح في عدة أفلام متوالية مثل فيلم الدكتور فرحات.
بدأ يبتعد عن السينما بعد فيلم عرض فيلم أكسبريس الحب عام 1946م الذي لعبت بطولته صباح. وفى عام 1948م، وبعد وقوع النكبة الفلسطينية، سادت أجواء معادية لليهود فى مصر، واتهم مع غيره من نجوم هذه الجالية بالصهيونية ضمن حملات كانت كيدية في كثير من الأحيان، فاقترح عليه الأصدقاء والأهل الهجرة إلى إسرائيل، ولكنه رفض وهاجر إلى إيطاليا في1949م، واستمر بالعمل السينمائي بروما. ورغم طول أمد البعد من عام 1949م وحتى وفاته في 5 يونيو 1986م، تاركًا إرثًا فنيًا كبيرًا وأعمالًا خالدة لا تزل تذكر إلى اليوم.
أخرج وأنتج خلال حياته عشرات الأفلام وعمل على اكتشاف الكثير من المواهب التي شكلت فيما بعد أيقونات السينما المصرية والعربية، فضلًا عن دوره الكبير في تأسيس نقابة السينمائيين في مصر.
فقد كان متابعا جيدا للحركة الفنية والسياسية في مصر، حتى إنه التزم بالاشتراك بمجلتي المصور والكواكب. لأجل مواكبة كل ما يحدث على الساحة الفنية في مصر.