الأقصر … برلنتي عبد العزيز
لا أعرف لماذا يطلقون عليه فى الغرب لقب نابليون مصر القديمة، وهذا استخفاف بالعقول، فقد مات نابليون مهزومًا تحت رحمة الإنجليز مسجونًا فى جزيرة سانت هيلانا، بينما كان تحنمس الثالث أول من أسس إمبراطورية على سطح الكرة الأرضية، طولها 3200 كيلومتر، امتدت من إثيوبيا جنوبًا إلى الفرات شمالًا، كما امتدت إلى برقة غربًا. استعان به اللورد اللنبى فى الحرب العالمية الأولى بعد نصيحة لورانس العرب بأن يقرأ خطته العسكرية فى مجدو، عرونا، كما استعان به فيلد مارشال مونتجمرى فى الحرب العالمية الثانية بحمل السفن مفككة على اليابسة، وإعادة تركيبها عند إنزالها للبحر.
كانت حتشبسوت الملكة عمته وحماته، لأنه تزوج من ابنتها حتشبسوت الصغرى، أخدت عمته المُلك منه لأنه كان صغيرًا بحجة أنها ابنة آمون، وصدقها الناس. ولو كانت العلوم سبقت الغيبيات، لما ادعت حماته هذا الادعاء، لأن الـحمض النووي كان سيكشف هذا الافتراء، ولكن المؤسف أن الغيبيات سبقت العلوم، والمؤسف أكثر أن يحاول البعض تفسير اللامعقول بالمعقول.
كانت معركة مجدو خلال القرن ١٥ ق.م، هزيمة منكرة لأمراء كنعان تحت قيادة أمير قادش، لم يقتلهم، أبقاهم مكرموم على ممالكهم بعد أن أقسموا بالولاء والطاعة لحكم مصر، كما أخذ أولادهم حتى أمصرهم وأشبعهم بهوى مصر، وحين يموت الآباء أرسل الأبناء ليحكموا بعد آبائهم.
أخبره الكهنة في السنة 22 من حكمه أن سماء البلاد امتلأت بأجسام دائرية فضية لامعة، فأمر بتسجيل هذه الظاهرة في بردية محفوظة الآن في الفاتيكان، يعتقد البعض أنها كانت أطباقًا طائرة، كما يعتقد إريك فون دانكشتن فى كتابه “عجلات الآلهة” أنهم كانوا يستمدون حضارتهم من كوكب آخر.
ست عشرة حملة عسكرية ولم أيهزم ، كانت كل حملة تحرص على أن يكون معها رجال الدين مع مترجمين لأهالي الممالك الأخرى، كما كان أول من آمر بتسجيل عدد القتلى والجرحى في كل معركة، فقد سجلوا خسائرهم فى مجدو 4000 قتيل و1000 جريح، بينما خسائر الأعداء 8300 قتيل و3400 أسير، كما كان لديهم ما يسمونه الآن بالمراسل الحربى لوصف وتسجيل سير المعارك الطاحنة.
كنت أحترم عقائد الآخرين، وكان الآسيويون فى مصر يعبدون آلهتهم الآسيوية بكل حرية.
كانت مدة حكمه 54 سنة، ذلك لأنه لم يحتسب مدة حكم عمته حتشبسوت التي ماتت بالسرطان كما ثبت أخيرًا، وليس له يد في نهايتها، لأنه ينتمي إلى شعب يكره الدماء بخلاف اليونان والرومان. الذين يقتلون الأبناء والإخوة والآباء من أجل الحكم.
قضى آخر 12 سنة من حكمه في سلام، باستثناء حملة تأديبية في الجنوب، كانت فترة السلم للجنود والضباط. التفرغ للتدريبات العسكرية، أما الشؤون المالية والدينية والمعمارية فهي مقصورة على المدنيين.
أمر بتعميم التعلم واستحضار كل ما هو جميل ومفيد لمصر، فمثلًا أخذ عن سوريا تربية الدجاج وزراعة الرمان. قال عنه وزيره رخ مى رع بأنه كان يرى كل شيء ويتعلم من أى شيء.
رحل للعالم الآخر سنة 1436 ق.م، ترك مصر إمبراطورية لها كلمتها، وبكل أسف جاء من بعده إخناتون، استغرق في عقيدته الدينية، وأشعل صراعًا بين الآمونية والأتونية، رغم التوحيد الذي تعرفه مصر منذ الأسرة الأولى.