فاكهة جزائرية اكتشفها المزارع يوسف وسميت على الراهب كليمون
مارسيليا … رندا سالم
ردًا على قارئ لطيف يدعى مارتن ريشارد من مدينة نيس جنوب فرنسا، الذي عاش في مدينة عين تيموشنت غرب ولاية وهران بغرب الجزائر. وعلى الأصدقاء الآخرين المنفيين هنا وهناك، الذين أعربوا عن رغبتهم في الحصول على معلومات إضافية عن الأب كليمون وكليمنتين، اتصلت مراسلة مجلة غنوجة في فرنسا بالسيدة ريمون بلان، مؤلفة حصلت على درجة الماجستير في Misserghin ميسرغين الجزائرية، وهو عمل تأخر بسبب رحيل زوجها إلى Terre Adélie. لقد سمح لي مراسلتي، في العام الماضي، بتوضيح استحضار هذه القرية الجميلة، حيث كان والدها مدير مدرسة. في الواقع، كل التفاصيل المتعلقة بهذه الفاكهة اللذيذة تنبع من بحثها والقسوة العاطفية الجياشة التي جلبتها لإثراء وتجميل الذكريات التي ميزتها بقوة.
البدايات
تقول الباحثة السيدة ريمون بلان، بألا يمكنها تحديد تاريخ وصول الأب كليمون إلى منطقة ميسرغين، لكنها على يقين أنه كان فيتال رودييه، المولود في ماليفيل، في بوي دو دوم، عام 1839م، وأنه توفي في ميسرغين عام 1904م. مدة تكوينه الديني، لكنها متيقنة تمام اليقين أنه كان في الـ 23 من عمره عندما دخل مجمع إخوة الروح القدس أي في سنة 1863م.
لقد ساهم الأخ كليمون بشكل كبير في ازدهار ممتلكات ميسرغين الرائعة. ويمكن القول أنه لم يتم زرع أي شيء بدونه في 20 هكتارًا كاملة من الأراضي الخصبة جدا من المشتل و 35 هكتارًا من الكرم. لقد كان هو الذي أدخل مئات أنواع من الغابات والفاكهة وأشجار الزينة في الجزائر، ناهيك عن مجموعة رائعة من الورود التي تضمنت ما يقرب من 600 نوع من أندر الأنواع، حتى أنه حصل وطور عدة أنواع جديدة من النباتات والفواكه، من بين أنواع أخرى من اليوسفي الذي يحظى بإعجاب الخبراء و الذي عمده أيتام المؤسسة باسم كليمنتين.
اكتشاف أم صدفة؟
تمكن الأخ كليمان، من خلال الأبحاث والعمل والخبرة، من أن يصبح قاموسًا حيًا لجميع النباتات المفيدة في الجزائر. بسيط ومفاجئ، إذ سحر وزود أكثر الزوار معرفة، وقد اكتسب هذه المعرفة المتعددة من خلال الدراسة التالية أي بطريقة منهجية وباختبارات لا حصر لها سجل نتائجها في دفاتر ملاحظاته الموجودة إلى يومنا هذا في الأبرشية الفرنسية. وهكذا، لما يقرب من 40 عامًا، وهو ما يؤكد أنه جاء حوالي عام 1863، حرص على أن يسجل، يومًا بعد يوم، متوسط درجة الحرارة وكمية المياه التي سقطت في ميسيرغين.
تم اكتشاف الكليمنتين عام 1892. كيف؟ يبقى اللغز كاملاً لأن الأخ كليمنون لم يكتب شيئًا عن هذا الموضوع. من ناحية أخرى، لا يتم استغلال أرشيفات آباء الروح القدس لأنها مغلقة أمام الباحثين خاصة غير المتدينين. وربما يكون هناك أثر لهذا الاكتشاف في هذه الأرشيفات.
وفقًا للتقاليد، كانت هنالك شجرة غير مزروعة نمت هناك بين الأشواك على أرض ميسيرغين، على حافة الوادي، ولم تكن شجرة اليوسفي أو الماندرينا، ولا شجرة البرتقال. أحمر من اليوسفي، له نكهة لذيذة، علاوة على ذلك ليس به بذور. هذا ما كان الأخ كليمون يعلمه شابًا جزائريا عربيًا مسلما يل يتعدى الـ 22 من عمره اسمه يوسف والذي فيما بعد نسب إليه اسم الفاكهة.
اتخذ الأخ كليمون قرارًا بإجراء ترقيع من الشجرة المعجزة و نجحت العملية، وتضاعفت البصيلات، وسميت الشجرة الجديدة التي ليس لها اسم معين باسم يوسفي ثم باسم الأخ كليمون Le Frère Clément.
أما النسخة الثانية، التي ألفتها السلطات الفرنسية المستعمرة، فتأتي من المواطن الجزائري عاصي بو نيف، من مواليد حضانة ميسيرغين، ابن موظف في استغلال زمن الأخ كليمون. حيث يقول في مقابلاته آنذاك، أنه كان من الممكن أن يتابع الأخ كليمون عمله في البحث عن الطعام. كان ينتقل كالنحلة من شجرة برتقال حامضة إلى شجرة اليوسفي. ما الذي يمكن أن يخرج من هذا المزيج من حبوب اللقاح؟ يربط الأخ كليمون الشريط الأحمر بالزهرة من شجرة اليوسفي ويراقب الإنتاج، يأخذ الثمار عند النضج، ويزرع ويحصل على فاكهة جديدة تسمى الكليمنتين.
لماذا عُتمت الحقيقة؟
دراسة كاملة ومتعمقة لتاريخ الكليمنتين، أن تسويق هذه الفاكهة في فرنسا الحضرية، بدأ فقط بعد الحرب العالمية الأولى، بسبب صعوبات الحفظ أثناء النقل، فقط في عام 1902 تمت الموافقة على تسمية الفاكهة بـ “كليمنتين” والكشف عنها من قبل الجمعية الزراعية في الجزائر العاصمة، والتي منحت، في تقرير أكثر إشادة قرأه الدكتور ترابوت، جائزة كليمنتين ميدالية ذهبية كبيرة الحجم. انتشرت هذه الزراعة في الجزائر في وقت مبكر من عام 1902م. ولكن الأمر يستغرق وقتًا حتى تصل الشجرة إلى أقصى إمكاناتها التقنية والزراعية.