بيروت … الاخصائية النفسية الدكتورة ماري أبو جودة
التوحد هو تسمية عالمية تشير في الواقع إلى جميع اضطرابات طيف التوحد (ASD). تتميز بصعوبات إقامة العلاقات الاجتماعية والتواصل العام، فضلاً عن الاضطرابات السلوكية أو حتى اللغوية. وإذا كان لا يمكن علاج هذا المرض بالمعنى الدقيق للكلمة، يمكن الاهتمام بالتوحد لتعليم الطفل التواصل بشكل أفضل من أجل الاندماج في العالم المحيط به. ولكن هنا يوجد تعارض بين طريقتين مختلفتين وهما:
1 ــ نهج التحليل النفسي … الذي لا يزل يمثل الأغلبية في العالم ولكنه مثير للجدل للغاية. ومن خلاله يتم إخراج الطفل من الفقاعات. أصبح نهج التحليل النفسي الآن مثيرًا للجدل للغاية ويتم رفضه بشكل متزايد من قبل أسر الأطفال الذين يعانون من التوحد. لقد كان النهج الرئيسي في نظام الرعاية العامة، وفي بعض الأحيان خيار الرعاية الوحيد في مناطق معينة، على الرغم من أن هذا يتغير. حيث لا يسعى نهج التحليل النفسي إلى توطيد ذاته تمامً! تميل هذه التقنية إلى ترك الأطفال بسلوكياتهم النمطية وحركاتهم المتكررة، دون تحفيزهم بشكل كبير، لأن هذا النهج يهدف إلى تفسير تصرفات الطفل التوحد من وجهة نظر نفسية فقط.
في الوقت الحالي، يطلق على الطريقة النفسية اسم التعبئة وهي الأكثر إثارة للجدل في علاج التوحد. حينها يشمل تغليف الطفل باستثناء الرأس بملابس مبللة وباردة قبل إحداث تسخين سريع. لمدة 30 إلى 60 دقيقة، سيجري الطفل حوارًا مع الطبيب النفسي الموجود أمامه، لعدة جلسات كل شهر. وكأنها جلسات تعذيب. هذه الطريقة، وفقًا لمدافعيها، ستسهل العلاقة العلاجية وتحارب مخاوف التوحد.
إن النهج التحليلي النفسي تجاه التوحد هو بالتالي غير موصي به بشكل صارم، ولكنه مصنف ضمن تدخلات عالمية غير متفق عليها. علاوة على ذلك، حتى الآن، لا يوجد نشر علمي يصادق على هذا النهج.
حسب أحد العلماء الفرنسيين فاليري شابوت، أن الفكرة وراء نهج التحليل النفسي هي وجود مشكلة في الترابط والعلاقة مع الأم وأن هناك انسحابًا غير واعي للطفل مما خلق حاجزًا مع بيئته. كانت الفكرة تقريبًا أن هناك طفلًا سليمًا داخل هذه الفقاعة.
2 ــ النهج السلوكي … والذي يزداد شعبية وانتشارًا. ويُعتبر الطريقة الأكثر عملية لتشجيع الطفل على التواصل. دماغ الطفل ليس سلكيًا للتواصل، فالطفل ليس لديه كل المفاتيح في يده لفهم نفسه. تسلط العديد من الدراسات الحديثة الضوء على الشذوذ في الجينات التي تدير تطور نقاط الاشتباك العصبي، وهي واجهات الاتصال بين الخلايا العصبية. يمكن أن تكون الاختلالات الكيميائية في الدماغ سببًا أيضًا لمرض التوحد.
ولمساعدة الطفل على الاندماج قدر الإمكان في العالم من حوله، فإن النهج السلوكي سوف يمنح الطفل الأدوات اللازمة لذلك. منها تقنية التواصل عن طريق تبادل الصور، التي ينفذها معالجو النطق بشكل عام، ستسمح للطفل ببناء مجلد صغير من الصور. بفضل هذا النوع من الأساليب، سيطور بعض المصابين بالتوحد اللغة تدريجيًا. حتى وإن لم تأتِ اللغة، فسيكون لدى الطفل وسيلة اتصال من شأنها أن تقلل من المشاكل السلوكية.
على الرغم من هذه الرعاية التي تعتبرها مناسبة بشكل خاص، إلا أن هنالك قلةً في عدد معالجي النطق المتخصصين. يختلف عرض الرعاية اعتمادًا كبيرًا على المنطقة وظروفها. ومع ذلك، هنالك دائمًا حالات لا يتم فيها تشخيص الطفل حتى دخول رياض الأطفال، لأن الوالدين غير قلقين، بينما تظهر مواقف معينة من 18 شهرًا فما فوق.
تذكير … من الناحية المالية، تتم تغطية متابعة الطفل المصاب بالتوحد في الجزائر من قبل معالج النطق بنسبة 100 % من خلال التأمين الصحي، أما بالنسبة للعلاج من قبل علماء النفس أو المعالجين النفسيين، فهو أكثر تعقيدًا بعض الشيء. من الضروري عمومًا إجراء تقديرات، ثم معرفة التعويضات من دور الإدارة للمعاقين، والتي ستعتمد أيضًا على درجة التوحد.