قسنطينة … عبد العزيز قسامة
يؤدي التسويف إلى تعرُّض الطلاب الجامعيين الذكور تحديدا، لآلام في الأطراف العلوية وصعوبات في النوم وخمول بدني وشعور بالوحدة وأحيانا كثيرة بالعزلة. حيث أوضحت دراسة أجراها فريقٌ من الأساتذة الباحثين في علم النفس الاجتماعي بجامعة منتوري قسنطينة، أن تأجيل عمل اليوم إلى الغد يرتبط بعديد المشكلات النفسية والصحية بالنسبة للطلاب الجامعيين الذكور.

أوضح باحثون في علم النفس الاجتماعي من جامعة منتوري بقسنطينة أن تأجيل المهمات المنوط إنجازها باليوم، يُعد أمرًا شائعًا بين طلاب الجامعة، يرتبط بمخرجات صحية سلبية، سواء على مستوى الصحة النفسية أو الصحة البدنية لهم، كما يرتبط أيضًا بمستويات عالية من أعراض الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب والتوتر والعزلة.
وأضافت الدراسة ذاتها، أن التسويف يؤدي إلى اتباع نمط حياة غير صحي، مثل ضعف نوعية النوم وقلة النشاط البدني، وآلام في الأطراف العلوية من الجسم، وانخفاض مستويات عوامل الصحة النفسية والاجتماعية، أهمها زيادة الشعور بالوحدة وتفضيل العزلة، فضلًا عن اختلاق مزيد المصاعب الاقتصادية والاحتياجات الأساسية للطالب.
يقول الأستاذ الدكتور النفساني مصطفى سيدي منصور بكلية العلوم الإنسانية قسم علم النفس بجامعة منتوري قسنطينة والباحث الرئيسي في الدراسة. في إحدى مداخلاته خلال ملتقى الأيام الدراسية التي بُرمجت من 3 إلى 5 من الشهر الجاري. أنه يُبلغ الطلاب الذين يعتادون التسويف عن تعرُّضهم لمشكلات صحية نفسية، إذ تُعد العلاقة بين المرضين النفسي والجسدي فائقة التعقيد، وبالنظر إلى أن التسويف منتشر بين طلاب الجامعات الجزائرية، فقد تكون هذه النتائج مهمةً لتعزيز فهم صحة الطلاب النفسية وتحليلها.
التسويف وهو تأخير طوعي لمسار العمل المراد إنجازه، وهو شكل من أشكال فشل التنظيم الذاتي المرتبط بالسمات الشخصية، مثل الاندفاع والتشتُّت وغياب الضمير الحي، وتشير الدراسة إلى أن ما لا يقل عن 80% من طلاب الجامعات في الوطن ينخرطون في التسويف والمماطلة في أداء المهمات على نحوٍ منتظم، مثل تأجيل المذاكرة حتى وقت الامتحانات، أو تأجيل كتابة البحوث المراد تسليمها حتى اللحظة الأخيرة.
أراد الباحثون معرفة ما إذا كان الطلاب الذين احتلوا مرتبةً عاليةً في مقياس التسويف معرضين لخطر أكبر من الأعراض النفسية أو الجسدية اللاحقة مقارنةً بأقرانهم الذين لا يؤجلون أداء مهماتهم، لذا أخضعوا ما يزيد عن 500 طالبًا من ثماني جامعات في الشرق الجزائري للدراسة في الفترة ما بين أوت 2019 وحتى ديسمبر 2021. إذ تم تتبُّعهم خمس مرات على مدار عام كامل، ثم تقييم الارتباط بين التسويف والمخرجات السلبية للصحة على مدار 10 أشهر لاحقة، وأخذ الباحثون بعين الاعتبار 15 متغيرًا تتضمن الصحة العقلية والألم وأنماط الحياة غير الصحية والعوامل النفسية والاجتماعية والصحة العامة، وأبلغ المشاركون بأنفسهم عن قيامهم بالتسويف باستخدام ردود تراوحت بين: ـ نادرًا جدًّا ـ لا يمثلني ـ غالبًا ما يمثلني ـ يمثلني دائمًا ـ
الدراسة أوضحت أن التسويف يرتبط بمستويات أعلى من أعراض الاكتئاب والقلق والتوتر وآلام في الأطراف العلوية، ونوعية النوم الرديئة، والخمول البدني، والشعور بالوحدة والصعوبات الاقتصادية.
الدكتور سيدي منصور يؤكد على أن هنالك تحفُّظ واحد يتعلق بمنهج الدراسة. إذ أن العينة لا تمثل بشكل كامل إجمالي عدد الطلاب في شرق الوطن، بما في ذلك طلاب كليات الطب والصيدلة. وبالتالي، من غير المؤكد ما إذا كانت تقدير الأبحاث قابلةً للتعميم على طلاب الجامعات الجزائرية ككل وبشكل عام أم لا.

