بيروت … الاخصائية النفسية الدكتورة ماري أبو جودة
تعتبر اضطرابات الإجهاد الحادة واللاحقة للصدم ردودَ أفعال للتغلب على الذكريات المتكررة والمتطفلة لحدث مؤلم إلى جانب المشاعر المكبوتة والتوتر واليقظة المتزايدة. يميل الأطفال إلى تجنب ذكريات الحدث. قد يتطور الاضطراب بعد أن يشهد الطفل أو يتعرض لأعمال عنف، مثل هجوم كلب أو إطلاق نار في المدرسة أو حادث أو كارثة طبيعية. لا يسترجع الأطفال التجربة فحسب، بل قد يختبرون أيضًا مشاعر مكبوتة، ويكونون متوترين للغاية وعصبيين لدرجة لا تُطاق.
يعتمد التشخيص على الأعراض التي تحدث بعد حدث صادم، كما يشمل العلاج لعلاجًا نفسيًا وعلاجًا سلوكيًا والأدوية معًا.
تبدأ حالة الإجهاد الحاد بشكل عام فور وقوع الحدث الصادم وتستمر ما بين 3 أيام وشهر واحد. ويمكن أن يتبع اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) حالة من الإجهاد الحاد أو يمكن أن يتطور فقط بعد 6 أشهر من الحدث. كما يمكن أن تتطور اضطرابات الإجهاد بعد أن يشهد الأطفال أو يواجهوا حدثًا يهدد حياتهم أو صحتهم أو حياة الآخرين.
خلال هذا الحدث، عادة ما يشعرون بالخوف الشديد أو العجز أو الرعب. تشمل هذه الأحداث أعمال العنف مثل إساءة معاملة الأطفال وإطلاق النار في المدارس وحوادث السيارات وهجمات الكلاب والإصابات خاصة الحروق والحرائق والحروب والكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل والفيضانات والوفيات. في الأطفال الصغار، يعتبر العنف المنزلي هو السبب الأكثر شيوعًا. لا يصاب كل الأطفال الذين يتعرضون لحدث صادم خطير باضطراب التوتر.
يمكن لبعض العوامل أن تساعد في تطور اضطراب ما بعد الصدمة، وإذا تطورت، فإنها تؤثر على حالة الطفل. تشمل هذه العوامل فيما يلي:
ــ شدة الحدث الصادم ووقوع إصابات جسدية أثناء الحدث.
ــ مزاج الطفل واالوضع الاجتماعي والاقتصادي له.
ــ حقيقة أن الطفل قد واجه بالفعل محنة، على سبيل المثال في حالات الاعتداء الجنسي.
ــ أداء الأسرة ونقص الدعم الأسري والاجتماعي.
ــ التاريخ العائلي للاضطراب النفسي.
ــ في الأطفال الصغار، يعتبر العنف المنزلي هو السبب الأكثر شيوعًا لاضطراب ما بعد الصدمة.
أعراض اضطرابات الإجهاد الحادة واللاحقة للصدمة
أعراض اضطراب الإجهاد الحاد واضطراب ما بعد الصدمة متشابهة وتقع في عدة فئات من الأعراض.
ــ استراجع الحدث … أو الأعراض تدخلية. وهنا قد يسترجع الأطفال الحدث الصادم عندما يكونون مستيقظين،مثل استرجاع ذكريات الماضي أو نائمين مثل الكوابيس. غالبًا ما يتم تشغيل ذكريات الماضي من خلال شيء يربطونه بالحدث الأصلي. حيث يمكن أن يؤدي تمرير كلب إلى استرجاع ذكريات الماضي لدى الأطفال الذين هاجمهم كلب. خلال الفلاش باك، قد يشعر الأطفال بالرعب غافلين عن محيطهم. قد يفقدون الاتصال بالواقع مؤقتًا ويحاولون يائسين الاختباء أو الهروب، ويتصرفون كما لو كانوا في خطر حقيقي كبير. كما يمكن للأطفال إعادة إحياء الحدث في الأفكار، وبطريقة أقل دراماتيكية من خلال الصور الذهنية، أو الذكريات، ومع ذلك فهي تولد معاناة كبيرة. كذلك من المحتمل أيضًا تكرار الحدث أثناء لعب الأطفال الصغار أيضًا.
قد يستمر الأطفال في تجنب الأشياء على غرار الأنشطة أو المواقف أو الأشخاص، التي تذكرهم بالصدمة. قد يحاولون أيضًا تجنب أي أفكار أو مشاعر أو محادثات حول الحدث الصادم. كثيرا ما يفشلون في محاولاتهم لنسيان الحدث.
ــ التأثيرات السلبية على الأفكار والمزاج … من الشائع جدًا أن يقمعوا مشاعرهم أو ينفصلوا. عندئذٍ يصبح الأطفال غير مهتمين بأنشطتهم المعتادة، ويعزلون أنفسهم عن الآخرين، ويقلقون بشأن وفاتهم صغارًا.
قد يشعر الأطفال أيضًا بالذنب، لأنهم نجوا بينما لم ينج الآخرون أو لأنهم لا يستطيعون فعل أي شيء لوقف الحدث. رُبما لا يتذكرون التفاصيل المهمة للحدث أو يتذكرونها بشكل غير صحيح أو يعتقدون أنهم كانوا مسؤولين عن الحدث.
ــ ضعف اليقظة وردود الفعل … يمكن أن يصبح الأطفال يقظين للغاية لعلامات الخطر التحذيرية. رُبما يشعرون بالتوتر الشديد أو اليقظة المفرطة والعصبية وعدم القدرة على الاسترخاء والضياع والذهول بسهولة. وعليه تكون محاولة التحكم في ردود أفعالهم صعبة، إذ تؤدي إلى سلوك متهور أو نوبات غضب لا إرادية، ورُبما يجدون صعوبة في الاسترخاء أو التركيز أو حتى النوم.
ــ أعراض التفكك … في كثير الأحيان يشعر الأطفال بالانفصال عن أجسادهم، كما في الحلم. كما يشعرون أيضًا أن العالم الخارجي ليس حقيقيًا.
تشخيص مرض اضطرابات الإجهاد الحادة واللاحقة للصدمة
ــ يعتمد تشخيص اضطراب الإجهاد على تاريخ من حدث صادم مخيف ومرعب تليها الأعراض المميزة.
ــ لتشخيص اضطراب الإجهاد الحاد، يجب أن تسبب الأعراض ضائقة كبيرة أو تمنع الأطفال من العيش بشكل طبيعي.
ــ يتم تشخيص اضطراب الإجهاد الحاد إذا استمرت الأعراض من ثلاثة أيام إلى شهر.
ــ يتم تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة إذا استمرت الأعراض لفترة أطول من شهر.
علاج مرض اضطرابات الإجهاد الحادة واللاحقة للصدمة
ــ العلاج النفسي … يمكن أن يكون العلاج النفسي الداعم مفيدًا. العلاج الذي يركز على الصدمات يعتبر نهجًا علاجيًا محددًا يعترف ويؤكد على فهم كيفية تأثير التجربة الصادمة على الصحة العقلية والعاطفية والجسدية والسلوكية والروحية للطفل. إنه يطمئن الطفل أن موقفه صحيح، لكنه يشجعه على مواجهة ذكرياته في عملية تشبه العلاج بالتعرض.
ــ العلاج السلوكي … يمكن استخدام علاج التعرض، وهو نوع من العلاج السلوكي، لإزالة حساسية الأطفال بشكل منهجي تجاه المواقف التي تجعلهم يسترجعون الحدث.
ــ العلاج بالدواء … يمكن لمضادات الاكتئاب التي تسمى مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) أن تخفف بعض الأعراض الحادة وتجعلها خفيفة أو تقضي عليها تمامًا.نصيحة … الأطفال الذين يعانون من اضطراب الإجهاد الحاد بشكل عام أفضل حالًا من أولئك الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة ، ولكن العلاج المبكر مفيد في كلتا الحالتين.