عادات سيئة في رحلة تربية ابنك … فاحذريها!!!
الجزائر … الإعلامي عبد العزيز قسامة بالتشاور مع الأخصائية النفسية حورية قسامة من فرنسا
من منا لا يتذكر طفولته وبعض المواقف المزعجة التي جعلتنا نتمنى أن نكبر لنتخلص من معاناتنا كأطفال لا يمتلكون أدنى قدرٍ من الحرية في تسيير أمورهم الحياتية. الطفولة مرحلة صعبة وحساسة للغاية، وتعتبر القاعدة الأساسية لكل انسان، منها يتم اكتساب التطبع ومختلف العادات والسلوكيات وأساليب التعايش مع الآخر. لها تأثير قوي في تكوين الشخصية، سواء بالسلب أو الإيجاب، أبرزها العادات التربوية، وأسلوب تعامل الوالدين اللّا واعي التي وتؤثر في شخصية الطفل وتؤخر تطور نموها.
أنواع الآباء … شخصية الآباء وتعاملهم مع أبنائهم مهمة جدا في تكوين شخصيتهم، حيث يؤكد جون مارتن أخصائي في علم النفس الكلينيكي، أن هناك نوع رابع للآباء اكتشفه مؤخرا والذي يبين مدى تأثير الآباء غير المكترثين في تكوين شخصية أبنائهم لاحقا.
1 ـ المستبدون … وهنا يتبع الأطفال أسس التربية الصارمة دون معرفة السبب أو تفسير النتائج، أما عدم الامتثال لها فيؤدي حتما إلى التأنيب. فهم عادة لا يقدمون لأبنائهم التوجيهات الصحيحة بل فقط الأوامر الناهية. وهكذا نوع من الآباء لا يستطيعون تصور أن يقع أبنائهم في خطأ أو انحراف سلوكي طفيف ما. والنتيجة هنا هي انتاج أطفالٍ مطيعين مؤدبين وأصحاب مهارات خارقة، في حين يفتقدون للسعادة الحقيقية واحترام ذاتهم ونقص في الاندماج والمهارات الاجتماعية.
2 ـ المتسامحون … أو ما يعرف بالآباء المتساهلين، الذين يتخذون من التساهل والتسامح المفرط أسلوبا مفيدا في نشأة وتربية الأبناء بشكل صحيح وناجع. فهم أصدقاء جيدون لأبنائهم، يتقاسمون اهتماماتهم الحياتية ورغباتهم وحتى أسرارهم، دون اللجوء إلى أسلوب الردع أو التأنيب، وهذا نتيجة عدم إدراكهم الجيد لقوانين الحياة وكيفية التعامل معها، فضلا عن عدم اكتمال نضجهم والتحكم ذاتهم ومشاعرهم. وهذا ما يجعل الأبناء أقل سعادة وتنظيما لأسلوب حياتهم، وضعفا في القيام بمهامهم في الحياة ككل.
3 ـ الحازمون … أولوياتهم هي وضع قواعد توجيهية، وتسطير مبادئ ورسم قيمٍ اعتقادا منهم أن أبنائهم سوف يلتزمون بها بلا تردد. لِما منحوه لهم من محبة ودفئ ورعاية وثقة وحرية الكافية، مطالبهم شبه معدومة تماما، والأهم من ذلك أن طريقة معاملتهم لأبنائهم تتميز بأسلوب داعم مُحفز وليس عقابي مُؤنب، حتى في حالات الخطأ أو الفشل، فهم عادة ما يستجيبون لرغبات أطفالهم ويحبون الاستماع إلى أسئلتم والإجابة عليها أيضا. بغية أن يكون لأطفالهم مواقف حازمة جازمة للظفر بشخصية مسؤولة بعيدة كل البعد عن التردد والخوف.
ولأن الحازمون يتميزون بالعدل والديمقراطية في التعامل مع أبنائهم دون تفرقة، فإن أبنائهم يمتثلون لطلباتهم دون تردد، لأنها مرفقة بقواعد وتفسيرات مسبقة. لأن اتباعهم لهذه الطلبات أو القواعد التوجيهية من باب المحبة والرغبة في اكتشاف المجهول وليس خوفا من التأنيب أو العقاب. وهذا ما ينتج أبناءً سعداءً ولهم القدرة على تحقيق النجاح بل المعجزات.
4 ـ اللّا مهتمون … كما يعرفون بالآباء غير المكترثين. تقريبا يكون أكثرية هؤلاء الآباء منفصلون عن حياة أبنائهم، كما يتميز بعضهم بقلة التواصل مع الأبناء. مقتنعين تماما أن أطفالهم يتمتعون بتغذية ممتازة وبيت جميل يأويهم مع تلبية حاجياتهم وطلباتهم وتوفيرها ومن دون تقصير. ليس لديهم الوقت الكافي لبناء أسس التربية الصحيحة والمثالية، وأغلبهم لا يعرف معنى تربية الطفل دون ربطها بالماديات. وهنا يتم إهمال الأبناء دون قصدٍ أو تخطيطٍ يُذكر. وبالتالي الإهمال الكامل لاحتياجات ورغبات الأبناء الأساسية. وهذا مل يجعل الأبناء هائمين ويفتقرون إلى ضبط الذات والتحكم فيها، ناهيك عن قلة كفاءتهم واندماجهم في محيطهم الاجتماعي.
الأنماط السيئة
ـ منع اتخاذ القرارات … متابعة الأبناء من مهام الآباء المكثفة والضرورية، للحفاظ على سلامة أبنائهم من أي قرار ق يفسد مرحلة ما من حياتهم. ولأنهم أطفالا فهذا لا يعني إطلاقا عدم احترام أفكارهم أو عدم تقييم أفعالهم بالإيجابية، أو حتى حرمانهم من التعبير عن أفكارهم ومساعرهم أو وجهات نظرهم وغن كانت بسيطة. وهذا بطبيعة الحال دون المساس باختياراتهم واتخاذ بعض القرارات الصحيحة المساعدة للنهوض بكيانهم وترسيخ قدراتهم والاعتراف بمجهوداتهم الفردية رغم مساعدة الآباء في ذلك ولكن عن بعد، ودون ملاحظة الأبناء أو انتباههم لذلك.
ـ إفراط التدخل في ابسط الأمور … وهذا يحضرُ نتيجة الخوف المستمر والقلق الدائم للآباء، فعلى الآباء إذن أن يدركوا أهمية خوض أبنائهم للتجارب والمعارك الحياتية الخاصة بهم، ومنحهم فرص الإعفاء والمسامحة، لخلق التوازن الإدراك الجيد لأخطاء الأبناء والاستفادة منها.
ـ نسيان القواعد الأساسية وعدم الاهتمام بنتائجها … ما يصعب التعامل مع الأبناء وتأديبهم مستقبلا.
ـ غياب المرونة في التعامل والمعاملة … للمعاملة أسس وطرق خاصة، تستدعي التوازن وتوطيد المرونة لكسب قدر أكبر من الثقة المتبادلة، خاصة لو تم إخفاء الغضب وما يترتب عنه من تأثيرات تخلف الشرخ والابتعاد بين الآباء والأبناء
ـ العقاب والتأنيب … اغلب الحالات تكون المشاعر والعواطف السلبية إيجابية. كالخوف من الغرق أو السقوط من مكان أعلى أو ما إلى غير ذلك، وهنا على الآباء فسح المجال لأطفالهم للتعبير عن مشاعرهم وتخوفاتهم. يجب ترك الطفل يعبر عما يحسه سواءً بالبكاء أو الخوف أو الابتعاد أو الحزن، ولا اللجوء إلى أسلوب الحتم والضغط والترهيب والقمع، كونها تؤدي إلى تكوين شخصية ضعيفة ومترددة في الحاضر والمستقبل على حدٍ سواء.
ـ التخويف … على الآباء توفير بيئة آمنة ومستقرة لأبنائهم، بعيدا عن الانفعالات الناتجة عن القلق والخوف، تخويف الأطفال من ارتكاب الأخطاء في حدِّ ذاته فعلٌ إجراميٌ، لأن التخويف يجعل الطفل يغدو غير آمن ودائم الخوف في مراحل نمومه الآتية مع فقدانه متعة الحياة وبهجتها.
ـ التفرقة والمقارنات والانتقادات … أسلوب سلبي وغير محفز، كما قد يتخذ مسارات عديدة ويكمن من صعوبة التحكم في أفكار وتصرفات الأبناء. نتيجة انعدام الشعور بالمسؤولية وقلة الثقة بالنفس وبقدراته ومهاراته المتميزة.
ـ مسؤولية إحباط الآباء … أمورٌ ليس للأبناء يدٌ في حدوثها، ومع ذلك يقوم الآباء بتحميل أبنائهم المسؤولية الكاملة. وهذا ما يُسبب لهم مشاكل نفسية وخيمة مستقبَلًا، خاصة في حال الضرب والحبس ومنه تناول الطعام.
ـ الحب المشروط … من المفروض ان يكون حب الآباء لأبنائهم بلا مقابل أو شروط، وغن كان ذلك فيشعر الأطفال أنهم بلا أهمية ولا أهداف وأنهم غير محبوبين من الآخر وغير مرغوب بهم من قبل المحيطين بهم، وقد يلازم هكذا شعورٍ سيئٍ وسلبيٍ الطفل طوال رحلته العمرية.
ـ عدم الانضباط … مما لا ريب فيه أن يحتاج الأطفال إلى رسم حدود وعتبات لهم من طرف الآباء، حدودٌ تجعلهم يشعرون بالآمان والحماية من الإفراط في ارتكاب المهازل والتصرفات المزعجة، ما يجعلهم مستعدون إلى مواجهة العالم الخارجي واكتشافه دون أخطاء كثيرة، ما يخلق عندهم الانضباط والشعور بالمسؤولية لمواجهة الحياة بكل ثقة وأمان.
ـ إدمان الألعاب الالكترونية … وتعمل على حدِّ الذكاء والتركيز والاستيعاب الطبيعي للأشياء. كما تسبب أيضا استنزاف جهد خلايا الدماغ واستهلاكها قبل الأوان، ما يجعل الطفل يفقد مهاراته الأساسية ووضعهم في عالم غير الذي يعيشونه مع أهلهم. دون الإغفال عن ذكر العصبية والسلوك العدواني المكتسب جراء نتيجة إدمانهم على هذه الألعاب الإلكترونية.
تنبيه … إن اختلاف أسلوبي الأب والأم تجاه أبنائهم، يخلق شيئا ما من التوازن العائلي الطبيعي، حيث العيش في جو يسوده نمط تربوي واحد يؤدي إلى تفاقم المشاكل النفسية للطفل، إلا في حال ما إذا كان كلا الأبوين حازمين.