اسمها الحقيقي شجر الدر وليس شجرة الدر، وهي التي تمكنت من الإطاحة بأيبك وأقطاي وأجبرت لويس التاسع بعد أن هزمت جيوشه على دفع فدية 800 ألف دينار، وكانت قد لقبت نفسها في وثائق الدولة الرسمية باسم أم خليل، وهي مملوكة الملك الصالح وخادمة خليفة المسلمين في بغداد. وقتلت في يوم 3 مايو 1257م.
القاهرة … برلنتي عبد العزيز
حكمت الملكة شجر الدر مصر ثمانين يومًا بمبايعة المماليك والأعيان. كان الخطباء على المنابر يدعون لها قائلين: ” واحفظ اللهم الجهة الصالحية ملكة المسلمين عصمة الدنيا والدين ذات الحجاب الجميل والستر الجليل زوجة الملك الصالح نجم الدين أيوب “، ونقش اسمها على الدراهم والدنانير، وأصبحت الأحكام تصدر باسمها وقد سيرت المحمل حاملا كسوة الكعبة مصحوبا بالمؤن والأموال لأهل بيت الله الحرام تحميه فرق من الجيش. وقامت بنشر راية السلام، فأمن الناس خلال فترة حكمها القصير، وتوج حكمها بصد الصليبيين بأسر لويس التاسع.
كانت الملكة شجر الدر الجارية بنظرة قد حظيت بإعجاب الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي اشتراها ولقبها بشجر الدر، واختلف المؤرخون في تحديد جنسيتها ما إذا كانت تركية أو شركسية أو رومانية أو أرمنية، فلم تكن كباقي الجاريات، بل تميزت بالذكاء الحاد والفطنة والجمال وإجادة القراءة والخط والغناء، وحظيت عنده بمنـزلة رفيعة، فأعتقها وأصبح لها الحق في أن تكون المالكة الوحيدة لقلبه وعقله وصاحبة الرأي.
أصبحت شجر الدر الشريكة الشرعية وأنجبت منه ابنها خليل ولكنه توفي، وكان قد اشتراها السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وأحبها فأعتقها وتزوجها، وحين مات كانت الحملة الصليبية السابعة على مشارف المنصورة، وكانت إذاعة خبر موته كفيلة بالتأثير سلبا على الجيش والمعارك، فأخفت موته ونقلت جثته سرا لقلعة الروضة، وأمرت الأطباء بأن يدخلوا بانتظام لحجرة السلطان كعادتهم، وكذلك الطعام والدواء كما لو كان حيا، وأرسلت لابنه توران شاه لكى يتولى الحكم، فجاء من الشام وتولى الحكم وأتم النصر، ثم تنكر لها وهددها وطالبها بمال أبيه، وبدأ يخطط للتخلص من أمراء المماليك، فكانوا هم الأسبق وقتلوه واختاروا شجر الدر ملكة عليهم.
وبعد أشهر لقيت معارضة من علماء المسلمين، وعلى رأسهم العز بن عبد السلام، الذي رأى في حكمها كامرأة مخالفة للشرع، وثار الأيوبيون لمقتل توران شاه ابن الملك الصالح، ورفض الخليفة العباسي المستعصم حكم امرأة. فتنازلت لعز الدين أيبك وتزوجته، لكنها كانت تحكم من خلف ستار ودعمته في التخلص من أقطاي، فلما أحكم أيبك قبضته على زمام الحكم تقدم للزواج من ابنة صاحب الموصل وعلمت شجر الدر وأرسلت لترضيه فاستجاب وذهب للقلعة وهناك تم إعدامه.
وأشاعت شجر الدر أنه مات فجأة ولم يصدقها مماليكه وقبضوا عليها وسلموها لامرأة أيبك التي أمرت بقتلها فضربوها بالقباقيب على رأسها إلى أن فارقت الحياة، في 3 مايو 1257م، وألقوا بها من فوق سور القلعة ولم تدفن إلا بعد أسابيع من قتلها.