الدادة أم حليمة مهمتها التجسس على الفنانين
القاهرة … مينا ميخائيل جرجس
جاسوسة يهودية، مهمتها التجسس على الفنانين، مبدؤها كره الإسلام، مربية النجوم، ضحكتها رنانة ومميزة، ذكية ويقظة، حظيت بأدوار بسيطة وقصيرة وفي الوقت ذاته مهمة ومؤثرة، مجسدة شخصيتي الدادة والأم في جل أعمالها الفنية، لها رصيد فني يزيد عن الـ 300 فيلم ومسرحية، عاشت غامضة وماتت غامضة، اختفت جثتها، وذهبت ثروتها للأوقاف المصرية، إنها اللبنانية المصرية اليهودية صورَايَّا فخري أو ثريا فخري كما يسمونها في الوسط الفني.
ولادة ثريا فخري ونشأتها
ولدت الطفلة صورَايَّا فخري في الثالث من أوت/آب سنة 1905م، من أسرة لبنانية يهودية متوسطة الحال في مدينة زحلة اللبنانية، تعلمت في المدارس اللبنانية، واكتفت بشهادة التعليم الابتدائي فقط، حفظت التوراة، التزمت بالتعاليم اليهودية وبحبها الشديد واللامشروط لطائفتها اليهودية الأرثوذوكسية، أبوها الذي لا يعرف أحدا اسمه الحقيقي إلى حدّ الساعة، كان في الظاهر تاجر أقمشة يسعى إلى تأمين لقمة عيش أسرته، وفي الباطن كانت مهمته التخريب والتدمير في لبنان، كونه كان منتميا إلى الجماعات الصهيونية آنذاك على حسب ما ذكره المؤرخ اللبناني أسد رستم. إذ سرعان ما اكتشف أمره، فأخذ اسرته المتكونة من زوجته وابنته الوحيدة ثريا والتي زرع فيها كره الإسلام والعرب، وسافر إلى مصر وتحديدا الإسكندرية، حينها كانت ثريا قد بلغت سن الـ 25 لم تكمل تعليمها واكنفت بشهادة التعليم الابتدائي التي تحصلت عليها في إحدى مدارس زحلة.
الفنانة ثريا فخري أصبحت الدادة أم حليمة الحنونة
عرفت فترة العشرينات من القرن العشرين، بفترة الفرص الذهبية لليهود الراغبين في دخول عالم الفن، حيث كان المخرجون والمنتجون آنذاك أغلبهم من الأجانب خاصة الإيطاليون واليهود، وعليه دخلت ثريا مجال الفن بكل سهولة وأريحية من بوابة أبو الفنون أو المسرح والذي يعتبر أهم خطوة لأي فنان في أول مشواره الفني، إذ كانت لها القدرة على تقليد الأصوات التي تسمعها. انضمت إلى فرقة علي الكسار المسرحية، حيث أكنت أغلب أدوارها تجسد فيه شخصية الأم والدادة الحنونة، حتى أصلح المخرجون لا يرونها مناسبة إلا في أدوار الأم والدادة.
أول عمل لها في السينما كان فيلم العزيمة سنة 1939م، من بطولة حسين صدقي وفاطمة رشدي، ثم توالت بعد ذلك أعمال فنية في قمة الجمال على غرار الشموع السوداء، حسن وماريكة، نهر الحب وبداية ونهاية ورد قلبي وغيرها من الأعمال السينمائية الخالدة، اشتهرت بضحكتها الرنانة، ووصل رصيدها الفني تعدى الـ 300 فيلما ومسرحية. ولكن الغريب في هذا كله أن أغلب أعمالها الفنية سواء كانت في السينما أو المسرح، كانت من دون اسم، حيث يناديها الجميع بالدادة أو أم فلان وعلان.

ما وراء زواجها من مسلم محاسَب النجوم
تزوجت ثريا فخري ثلاث مرات، الزواج الأول من المحاسب محمد توفيق، الذي لم يدم سوى أشهر قليلة، محمد توفيق الذي عمل آنذاك كمحاسب للعديد من نجوم الفن، هذا من الظاهر فقط، أما الباطن أن الغاية من زواجها من محمد توفيق هو التجسس على الفنانين وثرواتهم ومشاريعهم، وحين وجدها تبحث وتصور المستندات التي تخص عمله مع الفنانين، خاصة ملف ليلى مراد، طردها وطلقها دون أن يتهمها أو يبلغ الشرطة عنها. ثم تزوجت من الشاب الوسيم نبيل الدسوقي، الذي كان غنيا جدا ووحيدا جدا ومريضا جدا جدا جدا، إذ كان يعاني من السرطان لتستولي ثريا على ثروته قبل مفارقته للحياة، علما أنها عاشت وإياه مدة عشر سنوات. أما الزواج الثالث، والثالثة ثابتة تزوجت من الفنان فؤاد فهيم، ليستمر هذا الزواج سبع سنوات، الذي مات هو أيضا وترك لها ثروة طائلة، لا تُعد ولا تُحصى. ـ محظوظة
مالُها كثير وعديد وبخلها عسير وشديد
الثروات التي حصدتها ثريا من أزواجها، كانت تستخدم لتمويل الوكالة اليهودية في مصر ومساعدة اليهود على الهجرة إلى إسرائيل، فضلا عن المساعدات المالية التي ذهبت إلى إسرائيل. أرادت بيع كل ما تملك للسفر إلى إسرائيل، كانت تدفن أموالها في حديقة قصرها التي تسكنه بمفردها، كي لا يطاله أحد، حيث كانت تعرف بالبخل الشديد، لا تزور أحد ولا تقبل الزيارات.
نهاية المأساوية فظيعة
توفيت ثريا فخري في سن الـ 60 بطريقة مخيفة ومأساوية، نتيجة حدوث انفجار داخل قصرها، بسبب المتفجرات التي كانت تخفيها لاستعمالها في أعمال إرهابية تخريبية من طرف أفراد المنظمة الصهيونية المقيمين في مصر، حسب ما ورد في التحقيقات المكثفة التي قام بها الأمن والشرطة المصرية والذي نشرته جريدة أخبار اليوم سنة 1966م. ولأنها وحيدة ولم يُعثر عليها، قررت وزارة الأوقاف تأميم القصر وحدائقه، لإنشاء مسجد بدلا من ترميمه، وأثناء عملية الحفر تم العثور على كنوز ثريا فخري المدفونة في الحديقة.
في النهاية، هل حقا ماتت ثريا في الانفجار الذي دمر القصر بحدائقه؟ وإن كان كذلك، أين اختفت جثتها؟