أكثر من ثلاثين سنة تمر اليوم على رحيل الفنانة الكبيرة زينب صدقي، التي غادرت عالمنا في يوم 23 ماي سنة 1993م، عن عمر ناهز 98 عامًا. بعد حياة طويلة مليئة بالأضواء والأحداث الفنية المتوالية.
القاهرة … سميرة عبد الله
ولدت زينب صدقي في 15 أبريل عام 1895م. لأسرة ارستقراطية من جذور تركية، اسمها الحقيقي مرفت عثمان صدقي، كانت تتمتع جمال ساحق في شبابها حتى أنها حصلت على لقب ملكة جمال مصر عام 1930م.
بدأت زينب صدقي مشوارها الفني عام 1917م، قدمت العديد من المسرحيات وحصلت على جائزة التمثيل الأولى عام 1926م. تزوج في زيجة واحدة استمرت 6 أشهر فقط.
كانت الفنانة مرهفة الإحساس زينب صدقي، إحدى رائدات الفن المصري. بدأت مشوارها في عالم الفن والأضواء مع أكبر الفرق المسرحية في مصر آنذاك، ومنها فرقة الريحاني، ثم فرقة يوسف وهبي، ثم فرقة عبد الرحمن رشدي. ولكنها اشتهرت في السينما والتليفزيون، أين عرفها الجمهور في أدوار الأم والحماة بعد تقدمها في السن.
كما قدمت عديد الأفلام السينمائية. منها: الراهبة، البنات والصيف، ست البيت، التلميذة، الجريمة والعقاب، اسكندرية ليه، وغيرها من الأفلام الجميلة الخالدة.
الفنانة المثقفة والمُتدينة زينب صدقي كانت تقيم ندوات وجلسات ثقافية أسبوعية في بيتها بالزمالك، تضم كبار الكتاب والأدباء والنقاد مثل: مصطفى العقاد ومحمد التابعي والرافعي والمازني وعبد الرحمن نصر ومحمد على حماد والقائمة طويلة.
بدأت زينب صدقي في إقامة هذه الندوات منذ عام 1931م. وذلك عندما نشرت الصحف تصريحاً للوزير حلمي باشا عيسى يقول فيه إن كل الفنانات على درجة كبيرة من الجهل، وهو ما أثار غضبها وأرادت أن تثبت خطأ هذا الرأي المتعسف. وحينها، شرعت زينب صدقي في إقامة هذه الندوات الثقافية بمنزلها تدعو فيها كبار الكتاب والأدباء لمناقشة أهم قضايا الفن والأدب والمجتمع.
شاركت زينب صدقي في هذه الندوات بالرأي، وكثيرا ما خرجت من هذه الندوات منتصرة. حتى أطلقت الصحف عليها لقب “شكسبيرة الزمالك الجميلة”، أين كانت تُقيم حين ذاك.
هذه الندوات الثقافية نجحت في الدعاية للفنانة زينب صدقي وثقافتها، فكانت من أشهر الفنانات ثقافة وجمالًا. واستطاعت أن تغير الصورة النمطية السائدة عن الفنانات، كما أثبتت أن الفنانة يمكن أن تتمتع بثقافة واسعة وتكون صاحبة رأي صائب وفي كل القضايا. ومن أهم وأبرز جليساتها في الثقافة والفن، الفنانة نعيمة عاكف وهدى سلطان ومديحة يسرى ومحمد فوزي والمخرج نيازي مصطفى وعبد السلام النابلسي.
وكانت المجموعة تحرص على الصيام والمحافظة على الصلاة، وكانت الفنانة زينب صدقي تقوم بمهمة الوعظ والإرشاد.
ارتبطت الفنانة زينب صدقي بعلاقات طيبة مع كل الوسط الفني وكانوا يطلقون عليها لقب ماما زينب، كما جمعتها علاقة صداقة قوية بالفنانة فردوس محمد، إذ وقفت زينب صدقي إلى جوار صديقتها وساندتها في فترة مرضها كما قامت بتغسيلها بعد وفاتها.