
نتيبحيرين … الإعلامي عبد العزيز قسامة
يقع دير تيبحيرين 5على مقربة 5 كم شمال غرب مدينة المدية، قرب قمة جبل النّاظور وهو كاف أزري على ارتفاع 1119م عن سطح البحر.
وسط طبيعة جبلية خلابة، بغاباتها الكثيفة ومياهها العذبة وشلالاتها النظرة، سكنت المنطقة قبائل موزاية وسوماتة الأمازيغيتين ولا تزل العديد من الأماكن تحمل أسماءا أمازيغية مثل تاكرارت، تيبحيرين، تقراتين وترزازين وغيرها.

شُيِّد الدير في السابع من شهر مارس/آذار سنة 1938م، قرب مغارة مجهولة الاسم. من طرف مجموعة رهبان ينتمون إلى مذهبles trappistes المسيحي، الذي جاء للجزائر سنة 1843م بغرض التبشير ونشر الكاثوليكية، استقروا أولا بسطاوالي، ثم انتقلوا إلى اولاد طريف شرق المدية في عام 1934م، ثم بن شكاو جنوب المدية في 1935م، ليستقروا وبشكا نهائي في منطقة تيبحيرين، قرب قرية ذراع سمار سمي الدير بسيدة الأطلس، اختير الموضع لطبيعته الخلابة وسكون المناخ وهدوء عناصره، وأعطت سلطات الإستعمار الفرنسي 374 هكتارا للرهبان كي يتم استغلالها، زرعت بها مختلف أنواع الأشجار والنباتات، بسواعد السكان المحليين، الذين لم يتخلوا أبدا عن إسلامهم رغم محاولات الرهبان استلطافهم بمختلف الوسائل كتقديم الهدايا لهم، معالجة المرضى وما إلى غير ذلك. غير ان دهشة الرهبان واعجابهم بالأهالي آنذاك، جعل العلاقات النسانية تفوق كل المصالح والغايات. كما تعجبوا ببساطة السكان ونبلهم أخلاقهم، تبنوا لهجتهم الدارجة ومنهم من كاد أن يصير مسلما. أصبح الدير منطقة محررة خلال ثورة التحرير، واستغل المجاهدون غابات المنطقة وتضاريسها تعاقب عشرات الرهبان على الدير، أمّمت أراضيه سنة 1976م ولم يترك لهم سوى 17 هكتارا، وبقي الرهبان يعيشون من منتوجات أراضيهم الفلاحية من خضر وفواكه، عسل وأجبان وحواضر كالمربى على سبيل ذلك.

وسط الجبايلية المحليين الذين تعودوا وأحبوا ألفتهم وأحسنوا جوارهم، بدئ تدريس علوم الإسلام للرهبان بصفة مكثفة في زمن الأب كريستيان في أواسط الثمانينات، الذي كان من المولعين بالإسلام وتعاليمه، رغم الأوضاع الأمنية الصعبة، قرر الرهبان البقاء بالمكان خلال العشرية السوداء، وكان عددهم 9، إلى أن تم اختطاف 7 منهم في يوم 27 مارس/آذار سنة 1996م، اكتشفت جثثهم يوم 30 ماي/أيار، وتم دفنهم في أراضي الدير يوم 4 جوان/حزيران من العام نفسه.
عقب هذه المجزرة بات تيبحيرين مشهورا عالميا وعرف توافد مئات السياح وعدة شخصيات مهمة عليه. والآن يعمل بعض شباب المنطقة في حدائق الدير وحقوله، ويبيعون منتجاتها والتي وصلت شهرتها إلى خارج البلاد.