كلمة صغيرة ومعانيها كبيرة وكثيرة
الجزائر … الإعلامي عبد العزيز قسامة
أكثر الأمور التي تميز اللغة العربية عن لغات الأمم الأحرى، هي أنها قادرة تماما على وصف أي حالة قد يعايشها أو يعيشها الشخص بمنتهى الدقة والتفاصيل، سبيل على ذلك نجد كلمة حب في القاموس العربي ومنذ الأزل، تعتبر كلمة عامة ومفهومة لدى الكثير من الناس خاصة من عاشها بصدق وكرس لها أحاسيسه ومشاعره، كلمة شائعة تمر بالعديد من الدرجات والمراحل الشعورية التي استطاعت اللغة العربية أن تصفها بدقة رغم صغر حجمها الذي يتكون من حرفين فقط، إلا أن معانيها كثيرة تتنوع بحسب الدرجات التي تناولتها معاجم اللغة العربية ووصفتها وصفا دقيقا ومحددا. فنجد كلمة حب الصغيرة وقليلة الحرف تتمتع بأربعة عشرة درجات وكل درجة تحمل وصفا تفسيريا مغاير غير منفصل عن غيرها.
01 ــ الهوى … ويعتبر بوابة الدخول إلى الحب، وهو أولى درجاته، الهوى يُغسر على أنه المرحلة الأولى للحب وأول الطريق إليه، فهو الإعجاب الإعجاب والانجذاب دون السيطرة على كبح المشاعر.
02 ــ الصبوة … مرحلة تلي مرحلة الهوى مباشرة، والتي تكون مشبعة بالمدح والغزل بين الحبيبين، إذ تشهد هكذا مرحلة يسمى عنصر الجهل واللامعرفة ليتصرف كلا الطرفين، باندفاع وطيش وعفوية، مرحلة تتميز بالعمى المؤقت إذ لا تتطلب حضور التفاصيل التافهة مثل العمر والمكانة الاجتماعية أو العلمية.
03 ــ الشغف … وهو ثالث مراحل الحب، ولنه في حقيقة الأمر يعتر بداية الحب ومحرك اندفاعه. وهنا تلامس مشاعر الحب وأحاسيسه القلب، ويصبح أكتر توطيدا.
04 ــ الوجد … وكأنه حالة إدمان، بحث لا يستطيع المحب أن يتقوف عن التفكير في معشوقه. وهنا تسقط هيمنة الفكر والقلب وتخضع إلى سيطرة وجد الحبيب التي لا تفارق صورته الشكلية والروحية خيال المحب، ليزداد حزنا وضعفا كلما ابتعد عنه أو غاب.
05 ــ الكَلف … ارتباطها بالاحتمال وطيد جدا رغم المشقة، أي أن الحبيبان وبعد وصولهما إلى درجات عالية من التعلق ببعضهما، فإن القلب والعقل يكونان في مرحلة من التعب والوجل، بسبب الانشغال المستمر والتفكير الدائم.
06 ــ العشق … مرحلة حساسة ومرهفة جدا للحبيبين، الإحساس بالرغبة هنا يعود ويكون واضحا أثناء هذه المرحلة، حب وصل عتبته ويتصف بعمق المشاعر وصدقها، ناهيك عن عدم قدرة الحبيبين الابتعاد عن بعضهما.
07 ــ النجوى … مرحلة صعبة بالنسبة للحبيبين، كلاهما ينتابه الحزن والارهاق الشديدين دون سبب معين، وهذا كَونَ الحب قد وصل إلى ذروة النضج والوعي الكاملَين، غير أن الإحساس بغياب الحبيب هو الغالب والقاهر، لأن المحب يشعر بالألم دوما بمجرد التفكير بمن أسر قلبه وعقله. رغم التقرب والاقتراب الشديدين.
08 ــ الشوق … ويسيطر على مرحلة متقدمة جداً من الحب، هنا المحب يتعلق بشدة بالآخر، ولا يمكنه الابتعاد أو الاستغناء عنه
09 ــ الوصب … ومُرادفها الوجع والمرض والتعب والوجل والفتور في جسم المحب. إذ يشعر هنا وكأنه مريض حقا من شدة حبه لمحبوبه، لا يرغب في رؤية أحد إلا رؤية المحبوب.
10 ــ الاستكانة … وتعني الذل والخضوع والهزيمة، وهي مرحلة تُظهر لنا بأن المراحل السابقة ما هي إلا معارك متوالية بين القلب والعقل أ\ت إلى الاستسلام والخضوع والتمهيد لما هو آتٍ. فهي إذن مرحلة يحب فيها الشخص بقوة يتنازل عن كل شيء حتى كرامته، لدرجة يكون فيها المحب مستعدا تماما للتضحية بكل شيء والقيام بكل ما عليه القيام به لإرضاء محبوبه.
11 ــ الود … ويعني في هكذا مرحلة متقدمة الحب الكثير القائم على أرق وأنبل المشاعر وأكثرها نُبُلاً. مرحلة تأتي مباشرة ما بعد رفع الراية البيضاء والخضوع اللذيذ، تتبلور المشاعر الرقيقة والصافية وتنضج أكثر تجاه الحبيب.
12 ــ الخُلة … هي المحبة التي تخللت القلب فسكنت كيانه. وهنا يأخذ الحبيب مكانة عالية ومميزة، ولا يرضى بطرف آخر أن يشاركه حب من يحب.
13 ــ الغرام … ويعني التعلق الذي لا يمكن السيطرة عليه أو التخلص منه، عذاب لذيذ ومرض مزعج لكنه ممتع ومريح. فبالرغم من جمال كل المشاعر وكمال الأحاسيس الراقية النبيلة، إلا أنّ الحب لا يزل يعذب المحبوبين بشكل لطيف وجميل.
14 ــ الهيام … وهو مرحلة الحب الأخيرة، تميزها أنها قمة المشاعر الجميلة الجياشة الكثيرة والمتنوعة وكلها تحت كنف النضوج، والمحب هنا يجن جنونه ولا يمكنه إخفاء لهيب حبه فيهيم حرقةً وجنونا ورغبة في احتواء الحبيب.