القاهرة … سميرة عبد الله
كان كل النقاد يقولون إن عبد الحليم حافظ لا يستطيع أن يغني الاغاني الطويلة مثل ام كلثوم وفريد الأطرش. أقاويل مغرضة دبت القلق في كيان العندليب الأسمر. فقرر ملك الموسيقي بليغ حمدي أن يخوض هو وصديقه عبد الحليم هذا المجال ولكن تدريجيا، علما أن بليغ سبق وأن لحن لأم كلثوم اغنية طويلة بعنوان “حب إيه”. فقررا اولا البدء بأغنية متوسطة الزمن بمعني لا قصيرة ولا طويلة. لمعرفة هل ستنجح وكيف سيتقبلها الجمهور. فكانت أغنية “زي الهوي” عام 1970م، لحنت في مقام النهاوند مع حضور لعزف عمر خورشيد على القيتارا والأورغ عزف مختار السيد والكمان عزف احمد الحفناوي والساكسفون عزف سمير سرور والإكورديون عزف مصطفي حميدو.
قدمت لأول مرة يوم 18 ابريل/نيسان عام 1971م، في حفل عيد شم النسيم بدار سينما ريفولي بالقاهرة.
— كانت اول اغنية يغنيها عبد الحليم حافظ بعد إصابته في نهاية سبتمبر عام 1970م بنزيف دوالي المريء واسعف إلى مستشفى المواساة بالإسكندرية وقد اكتشف إصابته بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي “ب” لنقل دم ملوث إليه.
بدأ الشاعر حمزة في كتابة قصيدة موعود. عندما قال له العندليب بأنه لا يليق غناء أغاني الغزل بعد رحلته المرضية الطويلة التي كانت فيها قلوب المحبين معه في كل لحظات معاناته. سمع حليم مقاطعها وأعجب بها وطلب منه أن يكملها. ليقوم بليغ بتلحينا فورًا.
عبد الحليم عندما ركب قطار الفلكلور كان محقا في هذا، فهو كمطرب يهمه النجاح الشعبي. ولكن في أغنية موعود اتجه حليم إلى العاطفي. لأن موعود تعتبر أغنية فتحت مشوار طريق لمرحلة جديدة حافلة بالرقي والنبل والأصالة. للخلاص من مرحلة الفلكلور السابقة.
أغنية تميزت بالمقدمة الموسيقية الغنية جدا بالألحان والموسيقي التي تنتقل بين أجواء ومقامات موسيقية من خلال جمل وأنغام تتضمن الكثير من مشاعر تلامس الاحاسيس بشكل غير عادي يفوق الخيال. حيث يبدأ اللحن بضرب علي الجيتار للشهير عمر خورشيد، يليه مزيج موسيقي جميل غني بأجواء الفرح ثم يسكت فجأة، قبل أن نستمع لعزفٍ بديعٍ علي الكمان لأحمد الحفناوي. والذي يعود ليتحاور مع الجيتار بتناغم جميل جدا ثم يدخل العبقري بليغ حمدي في حركة اخري إلي حالة الفرح الكبير فهنا لا يمكن لأي سامع أن يتمالك نفسه حيث حتما ستحرك فيه مشاعر الفرح فلقد وضع بليغ حمدي في هذا اللحن مجموعة من الجمل الموسيقية التي توحي أن الذي سيغني هذه الأغنية يبدو سعيدا جدا قبل أن يتحول الي موعود معايا بالعذاب وهنا منتهي العبقرية للتأليف الموسيقي.
مما لا شك فيه أيضا، أن تظل اغنية “موعود” درة الالحان البليغية لما تحويه من مشاعر رائعة وموسيقي بديعة تأخذ القلوب والأنفاس.