بيروت … جزيل حداد
تغني بصوتها الحنون للحب وللصباحات الرائقة وللطيور المزقزقة، غنَّت أيضا للهجر والخيانات والدموع والأمسيات الممطرة والشتاء القاسي والليلي الطويلة، لم تكن حياة الفنانة اللبنانية فيروز مشرقة كأغانيها، حيث واجهت صعوبات عديدة طوال مشوارها نجحت في التغلب عليها، ولكن الأزمات الأكبر كانت المتعلقة بالعائلة، ما بين مرض ابنها ووفاة ابنتها وقطيعة طويلة مع نجلها زياد وأزمات مع شقيق زوجها، ظهرت الأحزان قوية في عيني سفيرة القلوب.

فاجعة قد تكون هي الأقوى واجهتها فيروز، عندما تلقت خبر وفاة ابنتها الشابة ليال والتي لم تتجاوز الـ 29 عاما، في 1988م، والتي رحلت بسبب انفجار في المخ، وهو نفس المرض الذي توفي بسببه والدها عاصي الرحباني، بحسب ما كشفت شقيقتها ريما الرحباني عبر حسابها على فيس بوك، ونفت كل الشائعات التي تم تداولها حول وفاتها بسبب جرعة زائدة من المخدرات، واتهمت عمها منصور الرحباني بالوقوف خلف تلك الشائعة.
ولم يكن ذلك الألم الوحيد الذي اختبرته جارة القمر في أبنائها، حيث يعرف الجميع أن لديها ثلاثة أبناء آخرين، ويعتبر الثالث بعد ريما وزياد هو نجلها هالي، وهو بعيد تماما عن الأضواء بسبب كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولديه إعاقة في الحركة يتطلب معها استخدام كرسي متحرك.
وكشف إلياس رحباني في حوار سابق، أن فيروز تقضي وقتها في الاعتناء بنجلها المريض الذي يبلغ من العمر 65 عاما.
خلاف وقطيعة بين فيروز وزياد الرحباني بسبب حسن نصر الله
ودخلت فيروز في قطيعة امتدت لسنوات مع نجلها الأكبر زياد الرحباني بسبب تصريحات أعلن فيها إعجاب والدته بالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وهو ما أغضبها بشدة بسبب عدم رغبتها في الكشف عن ميولها السياسية.
وأصدرت شقيقته ريما بيانا تنفي فيه الأمر الذي وصفته بـالاجتهادات الزيادية، وما زاد الخلاف انتقاد زياد لشقيقته التي تتولى إدارة أعمال والدتهما، لكن تمت المصالحة بينهما بعد 3 سنوات.

فيروز التي ولدت، كما أشارت في مقابلة تلفزيونية، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1935م، قدمت مع زوجها الراحل عاصي الرحباني وأخيه منصور الرحباني أو الأخوين رحباني، عديد الأغاني الناجحة التي تمثل علامات فارقة في مسيرة الغناء العربي.
نهاد وديع حداد، او فيروز كما سماها الموسيقار اللبناني حليم الرومي. بدأت الغناء وهي في عمر السادسة تقريباً، إذ انضمت لكورال الإذاعة الشرق الاوسط اللبنانية. وعندما تعرف إليها الموسيقار والملحن والمطرب حليم الرومي، مدير الإذاعة آنذاك، أطلق عليها اسم فيروز بدلا من اسمهان، ولحنّ لها بعض الأغنيات إيمانا منه بجمال صوتها وموهبتها الخارقة.

صرحت فيروز، في لقاءها مع الإعلامية سلوى حجازي والذي كان من إعداد الأديب الراحل، أنيس منصور سنة 1969م. اعترفت فيه بخوفها من الجمهور وخجلها من مواجهته. وعن بداياتها الفنية، أنها كانت بالمدرسة ويوجد أستاذ اسمه محمد فليفل، يأتي إلى المدرسة، لاختيار أفضل الأصوات بين الطالبات، وبالفعل سمع صوتها وأعجب به، وقدّمها للإذاعة اللبنانية، ومن هنا كانت البدايات الفنية. أما عن بداية التعارف بينهما للمرة الأولى، كان من خلال الإذاعة، حيث ذهبت لعمل اختبار بالإذاعة اللبنانية، وهنا أبلغوا عاصي عن وجودها فجاء ليسمعها.
يصف عاصي هذا اللقاء الأول بينهما، بأنه حينما شاهد فيروز للمرة الأولى في الإذاعة، لم ينبهر بصوتها بل اعتبره صوتا عاديا.

عن عاصي وزياد تقول فيروز:
“عندما شاهدته أول مرة، شعرت أن دمه ثقيل، وظلّت معرفتنا طوال 5 سنوات حتى تزوجنا بعد ذلك. عاصي كان سيلًا من العطاء، وكنت سريعة التلقي، كان سريع الغضب، وكان قاسي، وكنت أتقبل هذه القسوة، لأنها في مصلحتي، وكل ما قدمته كان من اختيار عاصي وليس من اختياري أنا، كنت أخاف من عاصي، ولم أكن أستطيع رفض ألحانه ورغم كل ذلك كنت أحبه. ولما بدأت برفض بعض الأعمال
حدث ما يشبه بالشرخ في علاقتنا. خاصة في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ثم مَرِض عاصي أثناء التحضير لمسرحية المحطة.
وهنا كانت بداية التعاون مع زياد الرحباني، من خلال عمه منصور الرحباني، وقدّمت حينها أول لحن من زياد أغنية سألوني الناس، التي ابكتني في مقطعها “ولأول مرة ما بنكون سوا”، بسبب غياب عاصي لأول مرة.