بيروت … الاخصائية النفسية الدكتورة ماري أبو جودة
الثاناتوفوبيا هي شعور مبالغ فيه بالارتباك والقلق والخوف المرتبط بالموت. ويعتبر الخوف من الموت أخطر أنواع الرهاب تدميرا لاستقرار الحياة اليومية للشخص المصاب به، ولان لكل داء علاج ودواء، فمن الممكن جدا علاجه، ولكن بالتدريج والالتزام بالجلسات النفسية العلاجية واحترام مواعيدها.
الخوف من الموت كما ذكرنا تعريفه آنفًا، هو القلق الناجم عن التعرض لشيء أو موقف متعلق بالموت. يتجلى ذلك من خلال العلامات السريرية، وغالبًا ما يؤدي إلى سلوك الإبطال. إنه خوف غير عقلاني من الموت بشكل عام. كما يعُدُّ الخوف من الموت قلق شائع جدًا. أغلب الأشخاص الذين جربوه يدركون ذلك تمامًا. من ناحية أخرى، يفضل بعض الأشخاص عدم التفكير في الأمر إلى درجة إنكاره. في هكذا حالات، من الممكن جدا أن يؤدي الخوف من الموت إلى حالات مرضية أكثر من نفسية كي تصير فيما بعد مع تراكم الانفعالات والاضطرابات معيقة مع صعوبة علاجها.
الأسباب
مثل جميع أنواع الرهاب، يمكن أن يحدث رهاب الموت بسبب حدث صادم مثل رؤية جثة أو وفاة أحد الأحباء، خاصة في مرحلة الطفولة. كما يمكن أن ينتقل أيضًا عن طريق الوالدين. لكن ليس هناك دائمًا سبب واضح. في بعض الحالات، يعكس ببساطة زيادة القلق والتوتر نتيجة التفكير المفرط في الحياة الأخرى.
التشخيص
الثاناتوفوبيا عبارة عن رهاب محدد، يعتمد تشخيصه على وجود خوف شديد ودائم يتم الشعور به عند مواجهة الأشياء أو المواقف المتعلقة بالموت. التشخيص مناسب فقط إذا كان التجنب أو الخوف أو الترقب القلق من مواجهة الموت يتعارض بشكل كبير مع عادات المريض اليومية أو أدائه المهني أو حياته الاجتماعية. في الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا، يجب أن تستمر الأعراض لمدة ستة أشهر على الأقل قبل إجراء هذا التشخيص.
من هم الأشخاص الأكثر عُرضة؟
يمكن أن تُؤثر الثاناتوفوبيا على جميع الأفراد، بغض النظر عن السن. ليكونوا على دراية بالموت وفهم ما يعنيه. لذلك يمكن أن يبدأ الخوف من الموت في الظهور في سن مبكرة ما بين السابعة أو الثامنة.
أحيانًا يكون الخوف من الموت موجودًا أيضًا بطريقة مقنعة. في الأشخاص القلقين الذين يعانون مما يلي:
ـ توهم المرض … الخوف من الموت بسبب المرض.
ـ رهاب الخلاء … الخوف من التعرض للخطر وعدم القدرة على الخروج أحياء.
ـ رهاب الأماكن المغلقة … الخوف من الاختناق حتى الموت.
ـ رهاب الاماكن العالية والمرتفعة … الخوف من السقوط والموت الاكيد.
ـ رهاب الماء … الخوف من الموت غرقًا.
عوامل الخطر
يميل الاشخاص شديدو الحساسية أو القلقون جدًا إلى طرح الكثير من الأسئلة على أنفسهم، خاصةً حول المفاهيم الوجودية مثل الموت. عند هؤلاء الأشخاص، يمكن لهذا النشاط المعرفي أن يوقظ وعي الموت بكل سهولة، وبالتالي يترسخ في ذاتهم الخوف من الموت.
الأعراض
يتجلى الخوف من الموت في الخوف الشديد من الأشياء أو المواقف المتعلقة والمؤدية إلى الموت، وسلوكيات التجنب للفرار من الموقف المخيف. يطور سلوكيات وأفكارًا مهووسة حول الموعد النهائي للوفاة، لذاته وللآخرين أيضا. يقلق من عدم قدرته على التحكم في الأشياء، ولا يفكر إلا في الموت المفاجئ وما يحدث بعد الموت.
لذلك يمكن أن تكون العواقب اجتماعية أو عائلية أو حتى مهنية، ويمكن أن تظهر في الأعراض التالية:
ـ تجنب كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الموت أو يعجل به أو يعرضه للخطر. على سبيل ذلك الرياضة أو القيادة أو المجازفة أو حتى مغادرة المنزل.
ـ استحالة الذهاب إلى مقبرة أو مستشفى.
ـ استحالة النظر إلى الجثث حتى في الصور أو على الشاشة.
ـ الأرق خوفا من الموت أثناء النوم.
ـ القلق الدائم من فكرة الموت.
ـ نوبات الهلع عند استحضار الموت أو مواجهته.
ـ الاكتئاب والانسحاب والعزلة.
العلاج
الخوف من الموت لا يتطلب علاجًا دائمًا. إن لم تكن هناك عواقب معينة في حياة الشخص المصاب به، فمن الممكن جدا، التعايش معه وإبقائه تحت السيطرة. وإن كان رهاب الموت يزعج حياتهم اليومية، يجب أن يلجأ الشخص إلى العلاج النفسي لعلاج خوفه من الموت، وقد يصل إلى درجة العلاج العقلي. في هكذا حال، يتم اختيار نوع العلاج وفقًا لدوافع الشخص المصاب بالرهاب والوقت والطاقة التي يمكنه استثمارها فيه.
ـ العلاج المعرفي والسلوكي … الهدف هنا، هو تقليل أو القضاء على الأعراض المصاحبة للرهاب. يمكن توفير الراحة للمرضى في غضون بضعة أشهر. وتتكون هذه العلاجات من تعريض المريض تدريجيًا للموقف الذي يثير الخوف، حتى يتمكن من السيطرة على قلقه.
ـ علاج مستوحى من التحليل … يسمح هذا العلاج الكلامي بالقيام بعمل متعمق على الذات، وهذا للفهم أصل الأعراض، بغية احتواء المشكلة وحلها نهائيًا. وهذا حين يصبح الخوف من الموت مرضيًا ومعيقًا خاصة عند الأشخاص الذين يفضلون عدم التفكير فيه أو انكاره. مناقشة الموضوع بحرية، والتحدث عن الموت والحياة ما بعد الموت. يمكن أن يساعد في اعتبار الموت حقيقة وجزءً من حياة الانسان، لجعله أكثر قبولًا وتقليل رهابه بشكل ملموس، وغالبًا ما يساعد هذا كله في الشفاء أو في تقليل أعراضه المرضية.
ـ علاج التنويم المغناطيسي … وهو حل مضمون وناجع لعلاج رهاب بشكل عام ورهاب الموت بشكل خاص. كما يمكن استخدام الأدوية المزيلة للقلق من حين إلى آخر قصد تخفيف أعراض القلق عندما يتعين على الشخص مواجهة موضوع رهابه، كالذهاب إلى المستشفى لإجراء فحص أو تدخل جراحي على سبيل المثال.