القاهرة … سميرة عبد الله
الفنان عزيز عيد من أبناء كفر الشيخ ولد بها عام 1884م. لوالد من أصول لبنانية، هاجرت أسرته الى مصر واستقرت بكفر الشيخ، وككل اللبنانيين نجح والده في الزراعة والتجارة حتى أصبح من أغنى أغنياء الغربية، لم تكن محافظة كفر الشيخ قد أسست بعد ولأنه من الأغنياء، فقد تعلم ابنه عزيز في المدارس الفرنسية حتى أجادها، بعد حصوله على التجهيزية التوجيهية ثم الثانوية العامة، أرسله والده الى لبنان حيث أكمل دراسته الجامعية هناك وعاد، لكن الأيام لا تدوم، فقد خسر والده كل ثروته في مضاربات البورصة وأصبح مُفلسا.
التحق عزيز عيد بوظيفة في بنك التسليف الزراعي، لكن هواية التمثيل ملكت عليه نفسه وبات حلمه أن يقدم اعمالا مسرحية مصرية تعالج مشاكل مجتمعه. وهام بالتمثيل حبا حتى تم فصله من البنك ومعه صديقه نجيب الريحاني.
يعتبر عزيز عيد رائد المسرح المصري الحقيقي، وأول فنان يقوم بإخراج المسرحيات على أسس علمية صحيحة. قبل ظهور عزيز، كان الممثلون يقومون بأداء أدوارهم بطريقة بدائية لا يهتمون بالحركة ولا الديكور ولا المناظر ولا الصوت ولا حتى الإضاءة.
أسس عزيز عيد فرقة خاصة به، بعد ما تشرب أصول المهنة وقواعدها جيدا من عمله في فرق مثل الفرق الاجنبية التي كانت تقدم أعمالها في دار الأوبرا، الفرق الشامية عامة التي كانت قد استقرت في مصر هربا من الجمود في الشام، مارس بها الإخراج كما تعلمه من الفرق الفرنسية التي عمل معها. ورغم كونه كان ممثلا موهوبًا بارعًا، إلا أنه برع في الإخراج أكثر.
انضم لفرقة الشيخ سلامة حجازي كممثل ومخرج منتهجًا الطريقة الغربية في في عمله، من بين أعماله مع الشيخ سلامة حجازي:
ـ عواطف البنين ـ التيتجان ـ الكابورال سيمون ـ الولدان الشريدان ـ الطواف حول الأرض ـ الطائر ـ الفن المحترق. واستعانت به بعض الفرق الأخرى لإخراج مسرحياتها مثل فرقة الشيخ أحمد الشامي الذي كان يملك فرقة جوالة تجوب أقاليم مصر وتقدم أعمالا مسرحية سبق لكبار الفنانين ان عملوا معها وقدموها فيما بعد.
جاء عزيز عيد بفكر جديد ورؤية متجددة وفهم عميق لرسالة المسرح. فكان رائدًا مسرحيًا حقيقيًا. من اجتهادة وعصاميته المدعمة بقراءته لأمهات الكتب المسرحية باللغة الفرنسية التي أجادها. كذلك من خلال دراسته للمسرحيات الفرنسية الكلاسيكية وكذلك روائع شكسبير.
الجدير بالذكر، أن فرقة عزيز عيد قدمت أشهر أعمالها وهي مسرحية “دخول الحمام مش زي خروجه” عام 1917م، وهي من تأليف إبراهيم رمزي وإخراج عزيز عيد وبطولة روز اليوسف ومحمود رضا وحسن شلبي وشارك شخصيًا في بطولتها ممثلا ومخرجا في آنٍ واحدٍ. ثم قامت فرقة جورج أبيض بتلميع وإعادة تقديم المسرحية في نفس العام من سنة 1917م، مع تغيير أبطالها، حيث أسندت الأوار إلى جورج ابيض وحامد مُرسي، وحلت الفنانة إبريز إستاتي مكان روز اليوسف، وقدمت المسرحية في الاوبرا الخديوية.