طوبار شيخ الصيادين، وصفه المؤرخون بأنه أول مليونير في مصر، وقدرت ثروته إبان الحملة الفرنسية على مصر بخمسة ملايين فرنك فرنسي. كذلك كان يملك أسطول صيد يضمّ أكثر من 5 آلاف مركب، إلى جانب عدد كبيرٍ من مصانع النسيج ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية. ولكن عشقه للوطن كان أقوى من حبه لأمواله التي سخرها لمواجهة الحملة الفرنسية.
الإسكندرية … سميرة عبد الله
عارض طوبار الاحتلال الفرنسي وحاربه، سخر إمكاناته المادية والمعنوية للتصدي له، لذا أحرق جنود الحملة الفرنسية قرية الجمالية في مدينة الدقهلية، التي كانت في حمايته، فصعَّد من مقاومته. في إثر ذلك، طلب الجنرال الفرنسي فيال في دمياط مقابلة طوبار فرفض، وحينما علم بونابرت أرسل بعض الهدايا ومنها سيف من الذهب إلى الجنرال فيال ليقدمه باسمه إلى المجاهد كي يستميله بها، وكتب الجنرال فيال إلى الشيخ حسن يستدعيه لتسلم هذه الهدايا فرفض وواصل المقاومة.
ذكر المؤرخ الكاتب عبد الرحمن الرافعي في أول جزء من تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر، أن طوبار كان الزعيم الوطني الذي أشعل نار الثورة في مختلف البلاد الواقعة بين دمياط والمنصورة، والمنزلة، وبينما كان يحمّس الأهالي في البلاد كان في الوقت نفسه يجمع مراكبه في بحيرة المنزلة لمهاجمة الفرنسيين، وكان الرجل في نظرهم عنواناً للمقاومة والكرامة.
رفض طوبار الركوع للفرنسيين، وقاد المقاومة في نطاقه الجغرافي ببسالة، ثرائه الواسع وأملاكه من دون النظر إلى تعرض ممتلكاته للخطر بسبب مقاومته، جهز بها أسطولاً بحرياً من القوارب التي حاربت الفرنسيين في بحيرة المنزلة وهاجمتهم في دمياط، وأوشكت أن تخرجهم منها.
وجد نابليون حينها، أنه لا بد من إخضاع هذا الزعيم بالحرب، وأنه لن يكون له سلطان على هذه المنطقة إلا بالقضاء عليه، فأمر بإطلاق حملتين كبيرتين إحداهما بحرية والأخرى برية، واستطاعت الحملتان أن تخضعا طوبار وتدخلا المنزلة يوم 5 أكتوبر 1798م، ولم يكن أمامه إلا الفرار إلى فلسطين. ودخل الفرنسيون منازله وقصره، ولكنهم لم يجدوه.
وهناك في غزة، لم يكف حسن طوبار عن المقاومة، فاستأنف نشاطه، وكون جيشاً من المقاومين وأسطولاً من 50 قطعة كي يبحروا به إلى دمياط لمحاربة العدو وطرده منها. ورغم أن الظروف لم تمكنه من إتمام هذه الحملة، إلا أن رعب الفرنسيين منه جعل نابليون يسمح له بالعودة إلى مصر بعدما أبقى ابن الشيخ عنده في القاهرة، وعاد حسن طوبار إلى دمياط من جديد.
لم يعمر حسن طوبار طويلاً. توفي في عام 1800م، ولم تهتم أية جهة بقبره أو تخليد ذكراه وتاريخه سوى الرئيس جمال عبد الناصر الذي زار قبره ووضع إكليلاً من الزهور عليه، كذلك أصدر قراراً جمهورياً حمل رقم 2300 في عام 1962م، باعتبار قصر المجاهد حسن طوبار مزاراً أثرياً يضمّ جميع متعلقاته.
وأشارت هانم طوبار، من حفيدات المجاهد الشهيد، إلى عرض وثائق مراسلات نابليون وكليبر وصور الرسائل التاريخية إلى طوبار من محمد علي باشا وإبراهيم باشا، كذلك صور المجاهد وملابسه وسيفه إلى المتحف المصغر. والجدير بالذكر أن المجاهد الشهيد البطل حسن طوبار هو الجد الأكبر للشيخ نصر الدين طوبار، أحد أشهر من أدوا الابتهالات والمدائح الدينية في تاريخ مصر كلها.