غياب الألياف، أكثر من محتوى الدهون، يضر بصحة القلب والأوعية الدموية
للحفاظ على العبور المعوي الجيد، يجب استهلاك الألياف. ولكن وفقا لدراسة فرنسية حديثة أجريت سنة 2023، فإن فوائد الألياف تتجاوز المجال الهضمي وتصل غلى صحة القلب والأوعية الدموية أيضًا.
باريس … ألفيرا صالح أندراوس
يتم الإشادة باستمرار بفوائد الألياف على العبور المعوي. ويجب أن تكون الألياف جزءًا من نظام غذائي متوازن. لكن سيكون لديها أيضًا فضائل أخرى. خاصة وأنها أصبحت جزءً أساسيًا في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية.
اهتم باحثون من جامعة Paris-Cité بدور الكائنات الحية الدقيقة المعوية في تطور تصلب الشرايين، وهو ترسب لويحات تصلب الشرايين في الشرايين، تمهيدًا لظهور أمراض القلب والأوعية الدموية مثل احتشاء عضلة القلب. ولذلك تم وضع الفئران على نظام غذائي منخفض الألياف وعالي الدهون، وذلك من أجل ملاحظة آثار هذا النظام الغذائي على أجسام القوارض.
حسب النتائج المتوصل إليها، فإن الفئران التي تغذت على نظام غذائي غني بالدهون ومنخفضة الألياف شهدت زيادة في عوامل الخطر الأيضية المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية. بما في ذلك، زيادة كبيرة في الوزن، ارتفاع السكر في الدم، مقاومة الأنسولين، زيادة وزن الكبد ومحتواه من الدهون الثلاثية.
من ناحية أخرى، والأكثر إثارة للدهشة، لوحظ خلل عام في الكائنات الحية الدقيقة، في تكوينها وفي استجابتها المناعية. مما يؤدي على وجه الخصوص إلى تغيير في إنتاج المشتقات الأيضية بواسطة البكتيريا التي تتكون منها.
ويشير العلماء إلى أن الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، الناتجة عن تخمر الألياف والمعروفة بتأثيرها الإيجابي على الصحة، يتم إنتاجها بكميات أقل. وهذا الخلل نفسه هو الذي يرتبط بتفاقم مظاهر تصلب الشرايين على مستوى الأوعية الدموية. وحسب ما توصل إليه العلماء، أن مكملات الألياف يمكن أن تتصدى لهذه التأثيرات.
توضح ثريا طالب، مديرة أبحاث Inserm في مركز باريس لأبحاث القلب والأوعية الدموية (Inserm/Paris Cité University)، بأن النتائح المتوصل إليها تشير إلى أن الفئران التي تم إخضاعها لنظام غذائي دهني، فإن الميكروبات المعوية المرضية تسرع من تطور تصلب الشرايين. تظهر الملاحظات أيضًا أنه بالإضافة إلى محتواه العالي من الدهون، فإن الكمية المنخفضة من الألياف الموجودة في هذا النظام الغذائي هي السبب وراء اختلال توازن الكائنات الحية الدقيقة وبالتالي تفاقم تصلب الشرايين. وهذا يدعم أيضًا فكرة دور أساسي للألياف في بناء الكائنات الحية الدقيقة الصحية وفي الوقاية من الأمراض الالتهابية الجهازية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية.
ولفهم دور العبور المعوي في تعزيز تصلب الشرايين استخدم العلماء تقنيات التتبع لمتابعة هجرة الخلايا المناعية. إذ أتاحت هذه الطريقة للتأكد من أن الخلايا القادمة من الغدد الليمفاوية المساريقية، طية الغشاء البريتوني الذي يغلف الأمعاء هي التي تراكمت في لويحات تصلب الشرايين وتراكمت بعد انتقالها من الأمعاء إلى الدورة الدموية. وبالتالي ساهم في تطور تصلب الشرايين.