باريس … رندا سالم
في عصر لويس الرابع عشر حُكم على أحد السجناء بالإعدام، وكان مسجونا في جناح القلعة ولم يتبق على موعد إعدامه سوى ليله واحده.
في تلك الليلة تحديدا فوجئ السجين بباب الزنزانة يُفتح ولويس بذاته يدخل عليه مع حرسه، ليمنحه فرصة لحياة جديدة دون متابعات قضائية. وإن نجح المسجون في استغلالها فبإمكانه النجاة. حيث وضح له بوجود مخرج في الزنزانة من دون حراسة، إن تمكّن المسجون من العثور عليه، يمكنه حينئذٍ الخروج ومن دون رجعة. وإن فشل فمصيره الإعدام بلا تردد.
غادر الحرّاس الزنزانة مع الإمبراطور بعد أن فكّوا سلاسله و بدأت المحاولات و بدأ يفتّش في كل شبر من الزنزانة، إلى أن لاح له الأمل عندما اكتشف غطاء فتحة مغطّاة بسجادة بالية على الأرض و ما أن فتحها حتّى وجدها تؤدّي إلى سلّمً ينزل إلى سرداب سفلي و يليه درج آخر يصعد مرة أخرى و ظل يصعد إلى أن بدأ يحس بتسلل نسيم الهواء الخارجي مما بثّ في نفسه الأمل إلى أن وجد نفسه في النهاية في برج القلعة الشاهق و الأرض لا يكاد يراها، من يأسه وخيبة أمله القوية ضرب بقدمه الحائط بكل ما يملك من قوة، وإذا به يحس بالحجر الذي يضع عليه قدمه يتزحزح، فقفز و بدأ يختبر الحجر فوجد بالإمكان تحريكه و ما إن أزاحه و إذا به يجد سردابًا ضيّقا لا يكاد يتّسع للزحف، فبدأ يزحف الى ان بدأ يسمع صوت خرير مياه و أحس بالأمل لعلمه إن القلعة تطل على نهر لكنّه في النهاية وجد نافذة مغلقة بالحديد أمكنته رؤية النهر من خلالها.
وظلّ علة هكذا حال طوال اللّيل، يلهث في محاولات و بوادر أمل تلوح له مرة من هنا و مرة من هناك وكلّها توحي له بالأمل في أول الأمر لكنها سرعان ما تبوء بالفشل في كل نهاية.
وأخيرًا انقضت ليلة السجين كلها ولاحت له الشمس من خلال النافذة، ووجد وجه الإمبراطور يطل عليه من باب الزنزانة و يقول له:
الإمبراطور … أراك لا زلت هنا!؟
السجين … كنت أتوقع أنك صادق معي أيها الإمبراطور
الإمبراطور … فعلا لقد كنت صادقًا معك
السجين … لم اترك شبرا في الزنزانة لم أحاول فيه، فأين المخرج الذي قلت عنه؟
الإمبراطور … لقد كان باب الزنزانة مفتوحًا وغير مغلق! أوليس هذا بمخرج؟! الإنسان دائمًا يضع لنفسه صعوبات و لا يلتفت إلى ما هو بسيط في حياته، حياتنا تكون بسيطة بالتفكير والتدبير البسيط، وتكون صعبة عندما يستصعب الإنسان الأمور في حياته.