خريف مدينة ستيرلينغ هايتس المخيف
ميتشغان … باسكال مرعشلي
في خريف عام 2023، خيّم الغموض على مدينة ستيرلينغ هايتس الهادئة في ولاية ميشيغان بالولايات المتحدة الامريكية، حين اختفى رجل شاب وسيم يُدعى جيسون أنتوني تومسون، البالغ من العمر 36 عامًا، بعد أن غادر شقة أحد أقاربه في ليلة مظلمة باردة من شهر أكتوبر. ثم تلاشى أثره وكأنه قطرة ماء اختفت في بحر هائج.
مرّت الأيام، والأسرة تبحث، والشرطة تفتش، والكل يتساءل في حيرة وخوف. كيف يمكن لإنسان أن يختفي دون أثر في مدينة مزدحمة بالكاميرات وعيون الناس؟
حتى جاء الخريف وتحددًا يوم 26 نوفمبر، حين تسللت رائحة غريبة ومقززة من أعماق مبنى فخم هو مركز ماكومب للفنون المسرحية. في البداية ظنّ الموظفون أنَّ الأمر مجرد عطل في نظام التهوية، لكن الرائحة كانت تزداد قوة، ثقيلة، خانقة يومًا بعد يوم، وكأنها ناقوس تنبيه يريد كشف المستور.
وحين وصلت فرق الصيانة، وبدأت في عملية تفكيك أجزاء نظام التهوية، حدث ما لم يتخيله أحد. عثروا على جثة رجل داخل القناة المعدنية الضيقة، رأسه للأسفل وجسده متصلب في وضع مأساوي لا يُمكن تحمل رؤيته. كانت الجثة داخل أنبوب تهوية لا يتسع إلا بالكاد لجسد طفل صغير أو إنسان نحيل جدًا.
وبعد التحقيقات والأبحاث في علم الجرائم، تبيّن أنَّه جيسون تومسون نفسه المفقود منذ زمن ليس ببعيد. ولكن، المفارقة المخيفة أنَّ لا أحد يعرف كيف أو لماذا صعد إلى سطح المبنى، ولا حتى ما الذي دفعه إلى دخول مجرى هواء ضيق كهذا.
رجّح المحققون أنَّه انزلق عن طريق الخطأ أثناء محاولته الزحف داخل المجرى، فعلق في وضع مقلوب حتى فارق الحياة اختناقًا أو بسبب البرد. غير أن الغموض لم ينتهِ عند هذا الحد. لم يُعثر على أي دليل يشير إلى نية انتحار، ولا آثار لجريمة، ولا أي سبب منطقي يبرر وجوده هناكوفي مثل هكذا وضع. بل هو مجرد رجل دخل في نظام تهوية مبنى مغلق، ثم مات وحيدًا، محاصرًا بالظلام والهواء المعدني البارد.
بالرغم من أنَّ التقرير الرسمي وصف وفاته بأنها عرضية، إلا أنَّ سؤالًا يطارد كل من سمع القصة:
ـــ هل كان جيسون يهرب من شيءٍ أو من أحد؟
ـــ هل جيبسون قتل ثم قذف به في ذلك الأنبوب الضيق لإخفاء الجريمة؟
ـــ أم أنَّ المبنى نفسه كان يخفي سرًّا لا يريد لأحد أن يخرج منه حيًّا؟
ـــ أم أنَّ المبنى مسكون بالعوالم الخفية؟

